أتاحت الثورة فرصة للشباب السوري لتشكيل رؤيا جديدة لمستقبل سوريا الإعلامي الحر، والذي كان في عداد المفقودات طيلة العقود التي تناوب فيها الأسدان على حكم سوريا.
اجتمع مجموعة من الشباب في مدينة قدسيا خلال التظاهرات الثورية في المدينة، وقرروا أن هناك حاجة ملحة لوجود أداة جديدة لمواجهة النظام، وإسقاطه بالكلمة الحرة التي خرجوا أساساً بها وبها هتفوا وطالبوا. ومن خلال المشاورات تم التوافق على إنشاء مجلة ورقية تعنى بالهم الثوري وكبديل إعلامي عن أجهزة إعلام النظام.
اختير الاسم "صدى الحرية" من واقع الهدف الذي قامت من أجله، كمنبر يعبر فيه الناس والشباب عن رأيهم فيما يدور حولنا. وفي ظروف شبه مستحيلة بدأت المجلة عملها كون المدينة لا تزال تحت سيطرة الأجهزة الأمنية. الجدير بالذكر أن الكادر تعرض لكل ما تعرض له الثوار والنشطاء في المجال الإعلامي، فمنهم من اعتقل، ومنهم من ترك البلد لكنه لم يترك دوره في الكتابة والمشورة، وآخر ما قدمته المجلة والفريق رمزاً وشهيداً إعلامياً وقائداً ميدانياً.
في المجمل المقالات التي تنشر هي مقالات تحليلية وليست خبرية، تسلط الضوء على الواقع السوري برمته سياسياً واجتماعياً وإنسانياً، وبطريقة تحاول أن تكون موضوعية تتناول الأحداث الثورية لتكشف العيوب وتقدم طروحات لتجاوزها أو الحيلولة دون تكرار وقوعها، فهي بالتالي تتضمن إضافة للجوانب السياسية الواقع الاجتماعي السوري، والنواحي الثقافية، وتحاول "صدى الحرية" الابتعاد عن الوعظ والإرشاد والتلقين، لأنها لا ترى نفسها إلا صوتاً للناس، كما يقول أحد كوادر المجلة لموقعنا "سيريا أنتولد syria untold".
كتاب المجلة بالدرجة الأولى هم الناس، فحيث ثعمل المجلة على أن تكون منبرهم الحر في التعبير تريدهم هم أن يعبّروا عما يجول بدواخلهم من رؤىً وأفكار تتناول الشأن العام من كافة جوانبه، إضافة للرسائل والأهداف والمضامين التي تحاول من خلال كتابها إيصالها للمجتمع.
الرسالة الأساسية هي الحرية فكراً وممارسةً، كما يقول فريق المجلة التي لا ترى نفسها مشروعاً ثورياً فحسب، بل أكثر من ذلك، فهي تحاول ترسيخ مفهوم الحرية كقيمة أساسية في حياة الناس والمجتمع.
المجلة في البداية كانت عبارة عن منشور ورقي ثم أخذت الشكل الجديد، وتطمح لتشكل مع غيرها من وسائل الإعلام الجديدة نواة أساسية لإعلام سوري حقيقي في الغد، أي أنها مشروع مستمر بعد سقوط النظام وانتصار الثورة، وبالشباب الجديد الذي سوف يقودها بطريقته ورؤيته لتلك المرحلة.
ميزة "صدى الحرية" أنها لا تملك مصدراً ثابتاً للتمويل، بل هو من خلال جهود ذاتية، أو من المساعدات التي تحصل عليها من متبرعين، وهي نادرة بالعموم، إضافة لبعض المساعدات التي تصل إليها من قبل مجموعة "سمارت" التي تدعم الفريق الإعلامي.
والمجلة توزع مجاناً على الناس ما يعني مزيداً من المعاناة المالية، لكن الفريق متحرر من الضغوط التي قد تمارس من قبل الداعمين، ويؤكد فريق تحريرها أنه يعمل بشكل تطوعي. لا شك أن هذا الأمر سيشكّل عائقاً في المستقبل، لكن هناك بحث عن مصادر تمويل مستقلة، كي تكمل المجلة مشوارها.
ويرى فريق المجلة أن الإعلام السوري المطبوع لا يزال يعمل ضمن أطر محددة ومحدودة، خبرية وتصويرية، من جهتها ترى المجلة أن الواجب هو الانتقال إلى استنهاض المفكرين وجمع أفكارهم وعرضها على الناس، لعل ذلك يضع حلولاً للمشاكل التي تعانيها الثورة ضمن رؤيا واضحة، فالسلاح وحده لن يكون الحل. الإعلام يجب أن ينتقل من موقع الإعلام الاستهلاكي إلى الموقع اللإنتاجي، وأن يكون شريكاً في المستقبل بصناعة النصر، وضامناً لبناء سوريا على أسس متينة.
تسعى مجلة "صدى الحرية" لتكون هيئة مستقلة، تجمع الكوادر الشبابية المثقفة، وتبلور أفكارهم في سبيل بناء مجتمع سوري على قواعد صحيحة وسليمة، وتزيح من العقول ما علق من رواسب الماضي ومخلفات تلك الفترة الزمنية، فكرياً وسياسياً وثقافياً، وتناضل من أجل الوصول للحرية والمساهمة في بناء دولة الحق والعدالة.
الرسالة التي توجهها المجلة للناس هي أن لا يحكموا على الثورة من خلال تصرفات مسيئة يقوم بها بعض الثوار، أو نتيجة التدخلات الخارجية، أو سواها.. فالثورة قائمة، وهي لأبنائها السوريين، وثمرتها حتماً ستكون على مستوى المجتمع الإقليمي والدولي في آنٍ واحد، ولا يزال فيها من أبنائها من يؤمن بها ويعمل من أجل الحرية بإرادة وتصميم عالٍ، وإن كانت غيبتهم بعض الظروف الطارئة والضغوطات فللحق جولة النصر في نهاية المطاف.