بمجرد الإعلان عن الانتخابات الرئاسية بشكل رسمي "تم تنظيم اجتماع من جميع أنحاء سوريا ومن خارج سوريا" لمناقشة كيفية الرد على "الانتخابات التي تقام على أشلاء السوريين"، حيث اتفق الناشطون بعد نقاش طويل على أن عبارة "انتخابات الدم" هي الأكثر ملاءمة لتكون عنوان حملتهم، لأنه "الاسم الوحيد الذي يعبر عن هذه المهزلة التي تقام في سوريا" وفق ما يقول أحد نشطاء الحملة لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".
أراد الناشطون من حملتهم هذه إيصال صوت السوريين للعالم الخارجي والمجتمع الدولي والعربي، صوت يقول بأن "النظام مجرم ومن المستحيل أن تقام أي انتخابات ديمقراطية في سوريا دون محاكمة الأسد، وإسقاط هذا النظام".
وإذا كان أحد من السوريين لا يساوره الشك بأن الأسد سينجح بهذه المهزلة، فإن حملتهم هذه تأتي لأن "هناك بعض من الشعوب تنظر على أن الانتخابات التي تحصل في سوريا هي انتخابات ديمقراطية، وإن كان بشار الأسد غير صالح لحكم سوريا قد يخسر في الانتخابات" لذا استوجب العمل على تصحيح هذه الرؤية من خلال تسليط الضوء على المجازر والقصف والدمار الذي يحصل في سوريا لتوعية هؤلاء بفداحة ما يحصل في سوريا، وأن أحدا لن يجرؤ على انتخاب غير الأسد في ظل ظروف القمع هذه، وأن الأمر برمته ليس أكثر من مسرحية معدة سلفا، ولهذا سلّطت الحملة الضوء كثيرا على هذا الأمر من خلال نشر أخبار بوستات وتصميم غرافيتي تجمع بين صورة الأسد، وما "حققه" من دمار في كل مجال من المجالات، مثل قولهم "بلغ عدد الأطفال الذين استشهدوا على يد قوات النظام منذ اندلاع الثورة و حتى تاريخ 30/4/2014 (11201 شهيد) ممن وُثِّقت أسماهم"، ناهيك عن تصميم العديد من البوسترات التي تسخر من هذه الانتخابات وتصوّرها على حقيقتها، كذلك البوستر الذي يجمع بين الدماء السورية التي يسيلها الأسد، وبين الديمقراطية التي يتبجح بوجودها في سوريا، فنقرأ : "دم"قراطية الأسد ...عاشت سوريا عقود من الاستبداد و العصور المظلمة المليئة بالقتل و الإرهاب ليرث حكمها معتوه كأبيه ... يقتل ويشرد شعب مليء بالحضارات والقيم. شعب كانت كرامته أغلى من أن يبقى تحت حكم سلطوي مجرم. ويستمر الأجرام، وتستمر المهزلة".
يدأب القائمون على الحملة منذ شهر وحتى الآن على تنظيم مظاهرات في كل عواصم العالم وفي سوريا، بهدف إيصال رسالتهم إلى كل الشعوب، حيث يتم حمل الصور والعبارات التي تفضح النظام وتعرّي إجرامه، ليصار إلى توثيق كل فعالياتهم ونشاطاتهم على الهاشتاغ #انتخابات_الدم #BloodElections، "وقد استطعنا أن نحقق أكبر عدد من التغريد عبر التويتر وقد حققنا أكثر من 40 ألف لايك على صفحة الفيس بوك"، إضافة إلى قيام الحملة بإطلاق العديد من البرومويات والصور الكريكاتورية، بغية تحقيق أكبر انتشار ممكن.
ولأجل تحقيق أكبر انتشار لحملتهم عمد الناشطون على التواصل مع الشخصيات المشهورة من إعلاميين وصحفيين وفنانين وسياسيين متضامنين مع الثورة، سواء كانوا سوريين أو غير ذلك، حيث غرد الإعلامي المعروف فيصل القاسم بالقول: "انتخابات الدم"، في حين أقدم عدد كبير من السياسيين والفنانين السوريين على وضع بوستر الحملة صورة رئيسية على صفحاتهم عبر الفيسبوك.
تمكنت الحملة أيضا من الربط بين الداخل والخارج حيث شارك مواطنون بلافتات أو صور لهم ضمن الحملة، بدءا من دوما المحاصرة وليس انتهاءا بروما وباريس ولندن، كتلك اللافتة التي حملتها طفلة من دوما المحاصرة، وقد كتب عليها: هل مازال بشار الأسد رئيسا حتى يعاد انتخابه؟".
إلا أن أهم ما قامت به الحملة يتمثل باقتحامها عرين النظام في دمشق التي عمل النظام كثيرا على تسويرها أمنيا وتنظيفها من الناشطين الذين أثبتوا أنهم صامدون على الأرض بانتظار فسحة تعبير، حيث تمكنوا من توزيع 3000 منشور في أغلب أحياء دمشق، و في مدينة جبلة التي تعتبر من أكثر المدن تأييدا للنظام تمكنوا من فعل نفس الأمر، حيث أرادوا قبل أي شيء أن يقولوا للنظام أنه "مهما كانت قبضتك الأمنية قوية فإن الثورة مستمرة" كما صرحوا لـ"سيريا أنتولد Syria untold".
يقيّم الناشطون حملتهم بأنها "إنجاز كبير" وهي فعلا كذلك، أولا لأنها مستمرة رغم كل العوائق، وثانيا لأنها أثبتت أن الشعب الذي "لم يستطع أن يتظاهر ويقوم باعتصامات بعدد كبير بسبب القصف بالبراميل والمدفعية المستمرة استطاع أن يقول لا للانتخابات في الداخل والخارج"، وثالثا لأن الحملة حققت تردد عالي على تويتر "ما أدى للفت انتباه الإعلام الغربي والعربي".
"انتخابات الدم": هي أولا: حملة رفض سورية ضد المهزلة الانتخابية التي خبرها السوريون على مدى نصف قرن تقريبا، وثاروا ضدها منذ ثلاث سنوات ونيف، وثانيا: صرخة بوجه الضمير العالمي الصامت على انتخابات تقام على وقع المجازر والتدمير، وثالثا: تأكيد على أن الثورة بشقها السلمي والمدني مستمرة رغم كل القمع والدمار.