أطلقت منظمة "اليوم التالي" بالتعاون مع المجالس المحلية ومؤسسات المجتمع المدني التي تواصلت بدورها فيما بعد مع المجالس العسكرية في محافظة إدلب حملة " اشتكي حتى ما يضيع حقك" بدءا من شهر أيار وحتى منتصف يوليو من عام 2014.
ولدت فكرة الحملة من "ضرورة محاسبة المسيئين من الجيش الحر"، وذلك نظرا لاهتمام ناشطي الحملة "بالمنحى الاجتماعي" بعد رؤيتهم ومشاهدتهم خوف الناس من طرح مشاكلهم ومن مواجهة حامل السلاح، فحتّمت عليهم مسؤوليتهم أمام المجتمع السعي باتجاه مواجهة المشكلة، فكانت هذه الحملة التي بدأت عملها عبر التنسيق بين مؤسسة "اليوم التالي" التي موّلت الحملة، ومسؤولي التواصل في المنظمة نفسها، حيث تم تحديد الأهداف والإطار الزمني للعمل واحتياجات كل منطقة مع مراعاة خصوصية كل منطقة أيضا.
وتهدف الحملة إلى مواجهة ومحاسبة "أي مسيء سواء أكان عنصر جيش حر أم مدني، والعمل على احترام حقوق المواطنين في التعبير عن الرأي وحفظ كرامة المواطن، وتحقيق أهداف الثورة السورية: حرية، عدالة، كرامة"، بما يعني كسر حاجز الخوف من المسلّح والوصول إلى "مجتمع مدني متحضر"، كما يقول فريق التواصل من مؤسسة اليوم التالي لموقعنا "سيريا أنتولد syriauntold".
شملت نشاطات الحملة رسوم غرافيتي على الجدران وفي الساحات العامة، ورفع لافتات كتب عليها "اشتكي حتى ما يضيع حقك" و "صوتك بيعمرها, كرامتك بتهمنا"، إضافة إلى رسم لوحات جدارية كبيرة , و لصق بوسترات تعريفية بالحملة، تزامنت مع لقاءات مع "الجيش الحر" و المواطنين لتعريفهم بفائدة الشكوى، وتشجيعهم على كسر حاجز الخوف، خاصة أن الناشطين تمكنوا من استصدار بيان خاص بالحملة من المحكمة التابعة لجبهة ثوار سوريا ينص على محاسبة "أي مرتكب مخالفة بحق المدنيين"، إلى درجة أن بعض العناصر المسلحة شاركوا في الحملة، مما سمح بتسهيل عمل الناشطين في المناطق الخاضعة لهذا التنظيم وغيره، مثل ناحية احسم في جبل الزاوية ومنطقة ريف معرة النعمان الغربي التي تشمل حاس وكفرومة وكفرنبل، ما يعني أن الحملة مخصصة لمناطق المعارضة دون أن تشكل كل مناطقها أيضا، حيث يأمل الناشطون أن يكون الأمر بداية لكل مناطق سوريا.
تجلت عوائق الحملة بعدم وجود كادر قادر على تغطية مختلف المناطق بالتوازي مع صعوبة العمل في ظل "الأوضاع الصعبة من قصف طيران ووضع إنساني سيء". إلا أن الفريق تمكن من التخفيف من تأثير هذه العوائق من خلال العمل "كفريق واحد والتنسيق المستمر مع المنظمة والمتابعة الدائمة لأمور الحملة من الكادر الإداري في منظمة اليوم التالي".
ولكن ربما كان العائق الوحيد هو صعوبة إقناع المواطن بالشكوى، خاصة أننا في ظل مجتمع خارج من ميراث استبداد طويل، ويحتاج إلى "نشاط مدني مكثف" و "حملات توعوية" تعمل على "تأهيل العاملين بشكل أفضل للتواصل مع المواطنين لاسيما النفوس المضطربة".
"اشتكي حتى ما يضيع حقك": حملة تهدف في العمق إلى تحقيق أهداف الثورة الأساسية بالحرية والعدالة والمساواة ودحر الاستبداد، دون أن تسمح لأي قوة عسكرية أو مدنية أن تستبد بالناس من جديد، ساعية لجعل المواطن محوّرها وأس عملها من خلال الأخذ بيده وتعليمه على عدم السكوت على الخطأ بعد اليوم، سواء جاء من النظام أم من أبناء الثورة نفسها.