كان القارب قد خرج من مدينة (بودروم) التركية، وعلى متنه 290 سورياً، وقبل وصوله إلى جزيرة (كوس) اليونانية، لاحقه خفر السواحل التركي وأطلق النار على محركه، ما أدى إلى وفاة ثلاثين شخصاً غرقاً، وبعد ساعة عاد خفر السواحل وأنقذ الباقين، ثم تم نقلهم إلى مخيم تركي يُطلق عليه اسم (العثمانية)، نسبة إلى المحافظة التي بُني بها عام 2012 مخصصاً للاجئين السوريين، لكنه لم يُستخدم لهذه الغاية، بل تحول إلى معتقل لمرتكبي الجرائم الشائنة.
إثر الحادثة، التي وقعت في 15 أيلول 2015، نظمت مجموعة من الشباب السوري حملة مدنية للإفراج عن المحتجزين حملت اسم "مهجرون لا لاجئون"، تعتمد وسيلة الضغط على الجهات السياسية المعنية للتدخل العاجل، وذلك من خلال رسائل توجه إلى تيارات المعارضة وعلى رأسها الائتلاف، وتفيد المعلومات التي حصل عليها "حكاية ما انحكت" من منظمي الحملة أن السلطات التركية قررت إعادة المحتجزين إلى الأراضي السورية عن طريق معبر (باب الهوى) وتسليمهم لـ(أحرار الشام) وقد بصم عشرات السوريين على قرار الترحيل، فقد خُيِّروا بين البقاء في المعسكر الذي يشبه المعتقل أو العودة، بالإضافة إلى حرمانهم من دخول تركيا خلال خمس سنوات قادمة.
تميزت حملة "مهجرون لا لاجئون"، بالتواصل المكثف مع أعضاء الائتلاف، إما عن طريق الإيميلات أو الهواتف، وبدعوة كل السوريين إلى الطلب من المعارضة أن يتدخلوا فوراً، وقد نشر الناشطون رسالة بالعربية والإنكليزية والتركية ليتم توجيهها إلى جميع المسؤولين، كما دعوا إلى تسجيل ردود المعنيين ثم نشرها ليتم كشف المعارضة السورية لسيئاتها وحسناتها أمام الرأي العام.
دعا الناشطون أيضاً إلى التواصل مع المنظمات التركية التي تُعنى بحقوق الإنسان، ومع اليو إن ووكالة غوث، في حين أن النشاط الإعلامي جاء بالدرجة الثانية، فعلى مدى سنوات كانت وسائل الإعلام الغاية الأولى لمنظمي الحملات السورية، وهو ما لم يحقق النتائج المطلوبة، كما امتازت الحملة بعدم التعرض بالشتائم أو الكلام النابي لأي من المعنيين أو المنظمات، وذلك حرصاً على مصداقية القضية ونزاهتها، على الرغم من الوضع المأساوي الذي يعاني منه السوريون في المعتقل، وعدم تحرك أية جهة لإنقاذهم.
من جهة ثانية، فقد رد الائتلاف بأنه أرسل وفداً لزيارة المخيم إلا أن الجندرمة التركية منعته من الدخول لعدم وجود ترخيص، في حين سمحت لوفد الأمم المتحدة الذي كان المحتجزون قد أضربوا عن الطعام حتى دخوله، لكن هذا الوفد لم يلتق المحتجزين، بل تحدث مع إدارة المخيم ثم غادر، أما عدد من تم ترحيلهم من المعسكر حتى الآن فيبلغ 250، بعضهم أعيد إلى سوريا وآخرون إلى بيروت، من أصل ما يقارب 1000 محتجزاً تم اعتقال أغلبهم من مدن أزمير وإسطنبول، بالإضافة إلى من ركبوا القارب، بتهم عدة أهمها العمل دون إذن أو عدم حمل أوراق قانونية.
إحدى الناشطات في فريق المتابعة والتبليغ في الحملة قالت لـ حكاية ما انحكت إن هناك آلافاً من السوريين في مختلف أنحاء العالم يتواصلون مع المنظمات الإنسانية، في حين أن المنظمة الوحيدة التي استجابت حتى الآن هي اليو إن، وما زالوا بانتظار تقريرها.