تتبادل المدن السورية المنكوبة والمحاصرة وقفات التضامن، فهي الأكثر معرفة بما يعنيه القصف والتجويع، ومن هذه المدن داريا التي شهدت عدةُ مدن سورية وقفات تضامنية معها، ومنها مضايا، واليوم، ومع أن داريا ما زالت تحت الحصار، إلا أنها تضامنت مع حلب بوقفة احتجاجية في إحدى شوارعها الرئيسة.
ما ميز هذه الوقفة التي نُظمت في الأول من أيار 2016 أن"معظم المشاركين فيها من الناشطين وعناصر الدفاع المدني السوري"، كما صرح كرم الشامي الناطق الإعلامي باسم المجلس المحلي في مدينة داريا لـ (حكاية ما انحكت)، ويرتبط ذلك بنوع الكارثة التي حلت في حلب ومحيطها، حيث قصفت طائرات النظام في 26/04/2016 مركز الدفاع المدني في مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة المعارضة، والتي تبعد 30 كم عن حلب، وهو المركز الأول الذي تم إنشاؤه شمال سوريا عام 2012، مما أسفر عن مقتل خمسة من عناصره، وفي اليوم ذاته، عادت الغارات لقصف المركز، ما أدى إلى دمار جميع الآليات المتواجدة فيه بشكل كامل، حسب البيان الرسمي الذي صدر عن الدفاع المدني في المدينة.
"عدد الأشخاص الذين انضموا إلى هذه الوقفة خمسة وعشرين"، كما أضاف كرم الشامي، وقد حملوا لافتة "من داريَّا، هنا حلب"، وهي عبارة تعود إلى عام 1956، أثناء العدوان الثلاثي على سوريا ومصر، عندما قامت الطائرات الفرنسية والبريطانية بتوجيه ضربات جوية على الأهداف المصرية خلال اليومين الثاني والثالث من تشرين الأول، وكان من بين هذه الأهداف هوائيات الإرسال الرئيسة التابعة للإذاعة المصرية، والتي تقع شمال القاهرة، وعندما توقفت الإذاعة المصرية عن الإرسال أصبحت نشرات الأخبار تُفتتح في إذاعة دمشق بعبارة "من دمشق، هنا القاهرة"، وقد تكرر استلهام هذه العبارة خلال الثورة السورية عندما قطع نظام بشار الأسد خدمة الإنترنت عن دمشق في 29 تشرين الثاني 2012، فراجت عبارة "هنا دمشق" على صفحات التواصل الاجتماعي من قبل عشرات ألوف النشطاء حول العالم. كما أن لعبارة "من داريا هنا دمشق" صلة بهتاف انطلق في درعا، وكان من أول الهتافات في الثورة، "يا حمص نحنا معاكي للموت"، و"يا بانياس نحنا معاكي للموت"، حيث كانت حمص وبانياس أول مدينتين انتفضتا ضد نظام الأسد بعد درعا.
يُذكَر أن داريَّا ما زالت واقعة تحت حصار كامل من قوات النظام وحزب الله، وتُمنع عنها المساعدات الغذائية والمواد الدوائية، وفي 15/04/2016 دخل فريق من الأمم المتحدة لمعاينة الوضع في داريا بعد أربع سنوات من الحصار، منذ شهر حزيران 2012، حيث ما زال 8300 مدنياً نسبة كبيرة منهم أطفال يقيمون فيها، أما عدد البراميل المتفجرة التي سقطت عليها فقد بلغ 6600 برميلاً حتى شهر شباط 2016، حسب إحصائيات مركز داريَّا الإعلامي، أما في حلب، فشهدت الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة قصفاً لم يسبق له مثيل منذ بدء الثورة السورية، وذلك خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر نيسان 2016، حيث بلغ عدد الصواريخ 709 صاروخاً، إضافة إلى 207 برميلاً متفجراً قتلت 235 مدنياً وخلفت 1500 جريحاً حسب المعهد السوري للعدالة.