وجعها اليومي لم ينسها أوجاعهم
سجنها الكبير وموت أبنائها داخله، لم ينسها من يموتون في المعتقل الأصغر
بل ربما، لأنها تعاني من نفس الوجع والموت وسط صمت قاتل، جعلها الأقدر على الإحساس بأوجاعهم وآلامهم قبل أن يغادروا هذه الدنيا إلى مكان آخر بعد أن مهرت أجسادهم بعبارة "الموت تحت التعذيب".
من يموتون تحت القصف والحصار والجوع، يرسلون رسائلهم لمن يموتون تحت التعذيب، قائلين: لم ننساكم، وسنبقى نطالب بحقوقكم عبر سعينا للاقتصاص من القاتل!
هل هذه سوريالية؟
أبدا، هذا ما يحدث في سوريا حقا. ولا عنوان له سوى الوفاء: وفاء من بقي اليوم لمن رحل أمس، فإن مات الحي غدا يجد من يرفع اسمه ويصلي عليه غيابيا.
مدينة داريا ومدن الغوطة الغربية، رغم وجعها أحيت صلاة الغائب على من قضوا تحت التعذيب في سجون النظام في 23 آذار 2015، لتتوازى الصلاة على أوراحهم، مع لافتات رفعها أبناء الشهداء، لا كي تلفت نظر من يشيح بوجهه عن موتهم، فهؤلاء باتوا من صنف من "تحركه أثار نقشت على الحجر ولا تحركه آثار تعذيب نقشت على جسد البشر" كما تقول إحدى اللافتات، بل كي يذكروننا بأننا نحن الأموات، حين يخاطبون شهدائهم: أنتم الأحياء في حياة أحياؤها الأموات".