هذا النص جزء من سلسلة الخيال العلمي.
يقوم الخيال العلمي على ركيزتين الخيال والعلم.
نحن العرب لدينا الخيال الشرقي المُجنّح لكنّنا لسنا أمة تمارس العلم والبحوث والاكتشافات، كما كنّا في عصورنا الذهبيّة، لذلك كيف يمكن للعربي أن يكتب عن رحلة إلى القمر أو روبوتات تعبر المجرات أو عن اكتشافات علميّة تتعلق بالاستنساخ والأسلحة الخارقة، من دون أن نكون مجتمعات تقوم على العلم والتقنيات. بهذا المعنى هنالك حاجة للتصنيع والإنتاج وتحويل العلوم ومركباتها إلى جزء من الحياة الثقافيّة واليوميّة من أجل دخول عالم الخيال العلمي.
العالم كله يفكر بالديستوبيا Dystopia، أو الكابوسيّة بترجمتها العربيّة، الروايات والمسلسلات والأفلام في هذا الجانب تنحو نحو الكوارث والأنظمة الجديدة التي يتضح في النهاية أنّها سيئة وكارثيّة، وهذا صحيح على المستوى الواقعي لا الدرامي فقط، وضع الكوكب من الناحية البيئيّة والتزمت القومي واليميني الآخذ بالتوسع والانتشار والتضخّم السكّاني الهائل، كلّ هذه مقومات تدفع بالضرورة نحو التفكير المتشائم بالمستقبل القريب، ولكن، وبالأساس بالمستقبل البعيد.
بصفتي من المتتبعين لهذه الأمور المُقلقة التي ينحدر العالم نحوها بسرعةٍ، فأنا أنشغل بهذه الأفكار كثيرًا، في بعض الأيام أفكر بوجوب طرح مبادرة شاملة لكلّ العالم بتحديد النسل، أو التقنين في استخدام الكهرباء مثلًا، إذ يُمكن للناس أن يعتادوا على الثماني عشر ساعة كهرباء في اليوم بدلًا من أربع وعشرين ساعة.
لكن هذه المسألة تكتسب طابعًا خاصًا في الشرق الأوسط عمومًا وفي فلسطين تحديدًا، نحن منطقة تعيش على الحروب منذ آلاف السنين، دوائر مفرغة وهائلة من الاحتلالات والتحريرات والغزوات والاستيلاءات.
كأنّ هذه المنطقة مغناطيس للدماء السيّالة، أولًا بسبب النفط وثانيًا بسبب القدسيّة التي يتعامل معها مليارات الناس مع الارض المقدسة، لذلك لا أرى فكاكًا من هذا السيناريو، لأنّ الناس بطبيعتها ستظل تشتهي المقدس بالنسبة لها، وتتمنى أن تحوزه وتسيطر عليه بأي ثمن.
لذا، وبعد ثلاثمئة عام منذ الآن سنجد من سيظل مشهرًا سلاحه في وجه الآخر سعيًا للسيطرة على هذه الرقعة من العالم، حتى ولو كانت هذه الرقعة أطلالًا على أطلال. هذه النبوءة بحدّ ذاتها فكرة ممتازة لعمل درامي ديستوبي.