بناء على مادة كتبتها "سيماف حسن" تحت عنوان "هذا ما فعله كورونا" وقام رامي خوري بتصميم هذه القصّة المُصوّرة.
لم يكن العمل من المنزل أمراً غريباً بالنسبة إليّ، إذ منذ أربعة أعوام حين عرفت أن الاختلاط مع زملاء العمل ليس الخيار الأفضل بالنسبة إليّ، حاولت أن أركز غالباً على فرص العمل التي تتيح لي البقاء بالـ"بيجاما" طوال اليوم، لكن بقائي مع أهلي الذين اعتادوا الخروج للعمل، جعل الأمر أشبه بالبقاء في سيارة صغيرة متوقفة وسط طريق معتمة دون وجهة محددة.
التحفيز الذي ترافق مع الأيام الأولى للبقاء في المنزل جعلني أستنفذ ربما الطاقة المخصّصة لشهر، قد لا يبدو الأمر منطقياً من الناحيتين الصحية والنفسية، إلا أنّ مرور أول أسبوعين من الحجر جعلني أثق بهذا الأمر.
بدأت أطبخ كميات هائلة من أطعمة أجرّبها للمرة الأولى، أصوّر كل الطيور التي تتيح لي الشرفة رؤيتها، أخلط كل الزيوت الموجودة، وأضيف إليها حبوباً مطحونة من كل الأنواع لأصنع منها "ماسكات" لبشرتي، أتربص بكل شعرة زائدة على وجهي، أزيلها فور ظهورها، أحوّل المطبخ إلى غرفة عمل بدوام مزدوج، لأطبخ فيه ظهراً، وحين أستيقظ، وأستبدل لوح التقطيع بلابتوبي على طاولة المطبخ مساءاً.
بعد موجة النشاط تلك، أصبحت أراقب الحي من شرفة المنزل، أسكن في حي أعتبره أغرب الأحياء في العالم، يشتهر حيّنا بكلابه التي تنبح طول اليوم، ومنذ فترة أصبح حماران أبيضان يتجولان ليل نهار من شارع لآخر حديث الحي، تشبهنا الأحياء التي نسكنها ونشبه منازلنا.