اللاجئون السوريّون في خطرٍ مستمرٍّ في تركيا

ما أسباب فشل حمايتهم؟


تعكسُ الهجمات العنيفة الأخيرة ضدَّ اللاجئين السوريّين في تركيّا سخطاً عميقاً تجاه السياسات الحكوميّة التركية، خاصة في معالجتها ملف اللاجئين. في هذه المادة تطلعنا الباحثة والصحفية التركية ديلا حصار لي، على الأسباب التي تقف خلف ذلك.

22 تموز 2024

ديلا حصارلي

باحثة وناشطة في المجتمع المدني التركي، تركّز على حقوق العمل، وخاصة العمالة غير الرسميّة، والسلامة في مكان العمل، والصحة المهنية. وستدرس قريبًا الاقتصاد السياسي في برلين.

يعيشُ أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوريّ في تركيّا، بحسب المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وصلوا خلال الـ 13 عاماً الماضية بحثاً عن الأمان وحياةٍ جديدةٍ بعيداً عن الحرب في وطنهم. خلال هذه السنوات، نشأتْ أحياءٌ جديدة، تعلّم السوريّون اللغة، وُلِدَ أطفال، تُوفيّتْ الجدّات، وبدأتْ سنوات الدراسة وانتهتْ للسوريّين في تركيّا.

لكنّ تركيّا لم تُصبح مكاناً آمناً لهم بعد. فقد تصاعدتْ الهجمات العنصريّة ضدّ السوريّين بشكلٍ ملحوظ في الشهر الماضي (حزيران/ يونيو ٢٠٢٤).

في 30 يونيو/ حزيران في مدينة قيصري التركية، انتشرتْ مزاعم بأنّ رجل سوريّ اعتدى جنسيّاً على طفل، ممّا أثار أعمالَ عنفٍ استهدفتْ منازل وأماكن عمل السوريّين، وتمّ القبض على المشتبه به وحماية الطفل من قبل الدولة. كما فُرِضَ حظر بث على الأخبار.

تركيا تستهدف المنظمات الدولية وطلاب وأساتذة الجامعات الأجانب

01 تموز 2017
يعاني اللاجئون السوريون في تركيا من وضع قانوني هش للغاية، رغم أن تركيا من الدول الموقعة على اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين وتستضيف اليوم أكبر عدد من السوريين في...

وسُرعان ما انتشرتْ العداوات إلى مدنٍ أُخرى مثل هاتاي، أضنة، بورصة، غازي عنتاب، وشانلي أورفا. تمّ الهجوم على العديد من منازل السوريّين، إحراق أماكن عملهم، وتخريب سيّاراتهم. في 2 تموز/ يوليو، طُعِن الفتى السوريّ أحمد حمدان النايف، البالغ من العمر 15 عاماً، في أنطاليا، وتُوفي في اليوم التالي في المستشفى.

هذه الهجمات ليستْ الأولى من نوعها، فقد وقعتْ هجمات مشابهة في تموز/ يوليو 2018 في أزمير، وآب/أغسطس 2021 في أنقرة، إثر خلافات بين الأتراك والسوريّين، ممّا أدّى إلى وقوعِ وفيّاتٍ وإصابات.

تحمل الهجمات الأخيرة تشابهاً خطيراً مع جرائم ضدّ الإنسانيّة في تاريخ تركيّا، مثل مذبحة إسطنبول، مذبحة مرعش، ومذبحة سيواس. حشودٌ غاضبة تهتفُ بشعاراتٍ عنصريّة، تدعو للعنف، تقتحم المنازل، تحرق السيارات، تُدمّر المتاجر، وأخيراً تقتل. هذه هي القواسم المشتركة لجرائم الكراهية في ماضي وحاضر تركيّا.

بالنسبة لمن يتذكّرون، فإنّ أحداث الماضي والحاضر تتشابه في أوجه عديدة تتجاوز العنصريّة والعنف. لهذا السبب، تُثير التوتّرات العرقيّة المتصاعدة وأعمال العنف قلقاً متزايداً على سلامةِ ورفاهيّةِ السوريّين في تركيا.

إلى هوامش المجتمع

تُعتبر هذه الهجمات العنصريّة نتيجة لمحاولةٍ واسعة لتطبيع الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ للاجئين السوريّين كمنبوذين، محرومين من حقّهم في الحياة والسلامة والكرامة. ومن خلال تهميش السوريّين إلى هوامش المجتمع، يسعى مرتكبو هذه الجرائم إلى الحفاظِ على هرميّةٍ تجعلُ اللاجئين عرضةً للاستغلال الدائم.

تشعرُ العديد من العائلات السوريّة بخطرٍ عميق وبسطوةِ الاستبداد، مثل الأكراد، العلويّين، اليونانيّين، وغيرهم من قبلهم، ممّا دفع الكثيرين منهم إلى الفرار خوفاً. أمّا الذين بقوا، فهم "يعرفون مكانهم" في كلِّ جانبٍ من جوانب الحياة الاجتماعيّة. يُدركون أنّهم سيُستَبْعَدون من الأماكن الاجتماعيّة، وعليهم إخفاء هُويّاتهم وعدم لفت الأنظار قدر الإمكان.

من خلال تهميش اللاجئين/ات السوريّين/ات إلى هوامش المجتمع، يسعى مرتكبو الجرائم ضدّهم إلى الحفاظِ على هرميّةٍ تجعلُ اللاجئين عرضةً للاستغلال الدائم.

يتفاقمُ هذا التهميش بسبب الاستغلال الاقتصاديّ للاجئين السوريّين. وبغضِّ النظر عن تعليمهم ومهاراتهم السابقة، يعمل السوريّون بشكلٍ رئيسيّ في القطاعات التي تتطلّب أعمالاً يدويّة مثل النسيج، البناء، الزراعة وأعمال المناجم. إنّ ظروف العمل والأجور سيّئة للغاية لدرجة أنّ لا أحد آخر يُريد العمل في هذه الوظائف.

في حزيران/ يونيو 2024، توفّي أحمد، طفل سوريّ يبلغ من العمر 12 عاماً، في مصعد في ورشة نسيج حيث كان يعمل. علق بين المصعدِ والجدار، وتبيّن لاحقاً أنّ المصعد كان معطّلاً لفترةٍ طويلة.

في ورشةِ النسيج حيث توفّي الطفل، هناك لافتة تقول إنّ العمّال يتمّ توظيفهم في إطارِ "مشروع دعم العمالة للسوريّين تحت الحماية المؤقتة والمواطنين الأتراك". وهذا يعني أنّ أصحاب العمل كانوا يحصلون على دعمٍ ماليّ من مشروع تُنفّذه وزارة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعيّة ووكالة التوظيف التركيّة، بإدارة البنك الدوليّ وتمويل الاتحاد الأوروبيّ.

العدوان التركي ونهاية العقد الإلزامي السوري

13 تشرين الأول 2019
الثقة العمياء لدى جمهور عريض من السوريين بالجيش التركي أو الروسي أو الإيراني أو الأمريكي، والترحيب بالغزو الأجنبي، وانعدام هذه الثقة مع الآخر السوري، علوي أو سني أو شيعي أو...

بعد الحادث، تمّتْ إزالة اللافتة بصمتٍ. مثل أحمد، يُستغلّ العديد من الأطفال السوريّين كعمّال في أماكن العمل التي لا تخضع للتفتيش على قواعد الصحة والسلامة.

تقول منظّمة العمل الدوليّة إنّ أكثر من 97 بالمئة من العمال السوريّين يعملون بشكلٍ غير رسميّ. يتقاضون أجوراً أقلّ من خطّ الفقر ويُحرمون من الضمان الاجتماعيّ. قامتْ تركيّا بتنفيذ نظام تصاريح العمل للاجئين السوريّين في عام 2016، لكنّ أصحاب العمل الذين يُطلب منهم تغطية التكاليف المرتبطة به، غالباً ما يرفضون القيام بذلك. وبما أنّهم مُجبرون على العمل بشكلٍ غير رسميّ، يُصبح العمّال السوريّون عرضةً لمشكلاتٍ مثل عدم دفع الأجور، حوادث العمل أو الأمراض المهنيّة، ولا يملكون وسيلةً لتحصيلِ حقوقهم بشكلٍ قانونيّ.

مع تدهور الاقتصاد التركيّ، يُستغلّ يأسُ اللاجئين السوريّين لدعمِ الصناعاتِ المتدهورة. تخلقُ هذه الديناميكيّة الاقتصاديّة حلقةً مفرغةً حيث يكون السوريّون مطلوبين ومكروهين في آن واحد.

نتيجة أُخرى هي المجال الواسع للتعسّف تجاه اللاجئين السوريّين في تركيّا. أهم حقّ ممنوح لطالبيّ اللجوء تحت الحماية المؤقتة هو حقّ عدم الإعادة القسريّة، الذي يُحظّر إعادة الأفراد إلى بلدٍ يُواجهون فيه الاضطهاد.

ومع ذلك، وفقاً لمنظّمة هيومن رايتس ووتش، رحّلتْ السلطات التركيّة أكثر من 57,000 سوريّ وغيرهم من الأفراد بين كانون الثاني/ يناير وكانون الأول/ ديسمبر 2023، على الرغم من وضعهم كمحميّين. يتمّ تصنيف معظم هذه الترحيلات زوراً على أنّها "عودة" أو "خروج طوعيّ"، ممّا يقوّض جوهر مبدأ عدم الإعادة القسريّة. هناك نقص كبير في الرقابة والشفافيّة في هذه العمليّات، ممّا يسمح لمرتكبيّ الجرائم ضدَّ الشعبِ السوريّ بالإفلات دون عقاب.

أصول خطاب الكراهية

اليوم، يُحمّل المواطن التركيّ العاديّ اللاجئين السوريّين والمهاجرين الآخرين مسؤوليّة كلّ المشاكل التي تُواجه البلاد. ينتشرُ خطاب الكراهيّة ضدّ السوريّين في وسائل الإعلام. ولكن لم يكن هذا هو الحال قبل 12 عاماً. مع مرور الوقت، استمرّ الشعور السائد بالعداء تجاه السوريّين في الاستفادةِ من الاستجابةِ الدوليّة غير المناسبة وحملاتِ المعلومات المضلّلة والمصالح المتضاربة للأحزاب السياسيّة في تركيّا.

في عام 2011، أعلنتْ الحكومة التركيّة عن سياسةِ الباب المفتوح، مرحّبة بأيّ سوريّ يتمكّن من الوصول إلى تركيّا. استندَ هذا القرار إلى القانون الدوليّ وانطلق من مبدأ إنسانيّ. وفقاً لمفوضيّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كان عدد اللاجئين السوريّين المسجّلين حديثاً في تركيّا، بما في ذلك الوافدين الجدد والولادات، حوالي 140,000 في عام 2012، و412,000 في عام 2013، و1,062,000 في عام 2014، و881,000 في عام 2015. ووفقاً للجنة الإنقاذ الدوليّة، في عام 2015، وصل ما يقرب من مليون لاجئ إلى الاتحاد الأوروبيّ، بينما فقد أكثر من 3,500 حياتهم أثناء القيام بالرحلة الخطيرة.

مع تدهور الاقتصاد التركيّ، يُستغلّ يأسُ اللاجئين السوريّين لدعمِ الصناعاتِ المتدهورة. تخلقُ هذه الديناميكيّة الاقتصاديّة حلقةً مفرغةً حيث يكون السوريّون مطلوبين ومكروهين في آن واحد

في مارس/ أذار 2016، تمّ إغلاق الطريق البلقانيّ أمام اللاجئين والمهاجرين الآخرين بعد إغلاق الحدود الرسميّة في مقدونيا وكرواتيا وسلوفينيا، ممّا ترك نحو 54,000 لاجئ ومهاجر، بما في ذلك آلاف السوريّين، عالقين في اليونان. أيضاً في عام 2016، بدأتْ تركيّا في تشديد وإغلاق حدودها، ممّا ترك العديد من السوريّين والسوريات في مخيّماتٍ مؤقّتة على الجانب الآخر، يبحثون بيأسٍ عن وسيلةٍ للدخول.

أصبحتْ الأزمة الإنسانيّة ورقة مساومة بين الاتحاد الأوروبيّ وتركيّا. أدّى الاتفاق الأوروبيّ-التركيّ لعام 2016 إلى تحويل أمن حياة السوريّين/ات إلى مكاسب ماليّة وقضايا معاملات. بموجب الاتفاق، تعهّدتْ تركيّا باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع السفر غير النظاميّ من أراضيها إلى الجزر اليونانيّة. يُمكن إعادة الأشخاص الذين يصلون بشكلٍ غير نظاميّ إلى الجزر إلى تركيّا. مقابل كلّ سوريّ يتمّ إعادته، تقبل دول الاتحاد الأوروبيّ لاجئاً سوريّاً من تركيّا. في المقابل، ستحصل تركيّا على 6 مليارات يورو لتحسين ظروف اللاجئين وسيُمنح المواطنون الأتراك فرصة السفر بدون تأشيرة إلى أوروبا.

جعل هذا الاتفاق الغالبيّة العُظمى من الشعب التركيّ تعتقد أنّ تركيّا تُستخدم كمنطقةٍ عازلةٍ بين موجةِ الهجرة الضخمة وحدود الاتحاد الأوروبيّ. ساد شعورٌ عام بالاستياء من الغرب بين الأتراك. وتمّ تصنيف الخبراء والصحفيّين والشخصيّات العامّة المدافعين عن حقوق اللاجئين بأنّهم "عملاء لجورج سوروس" أو "كلاب حراسة للاتحاد الأوروبيّ".

اللاجئون السوريون في لبنان: الوقائع بعيداً عن الترويج/الشعبوية(1)

31 آب 2016
السجالات الشعبوية، في لبنان وغيره، هي سياسة تشويش: تسعى للفت الانتباه بعيداً عن الأسباب الحقيقية لاستياء الناس وتوجيهه إلى الطبقات الاجتماعية الضعيفة غير القادرة على حماية نفسها.

استخدمتْ الحكومة التركيّة هذا الاستياء لتبرير سوء إدارتها ومعاملتها العشوائيّة للسوريّين، بينما كان الرئيس التركيّ رجب طيّب أردوغان يصوّر نفسه كمنقذ في الساحة الدوليّة ويتجاهل معالجة الأسباب الجذريّة للاضطرابات الداخليّة. إنّ التنصّل من المسؤوليّة من قِبل كلّ من الاتحاد الأوروبيّ والحكومة التركيّة لم يؤدِّ إلّا إلى تعميق محنة اللاجئين السوريّين وتعزيز العداء داخل المجتمع التركيّ.

منذ عام 2016، زادتْ نقاط ضعف تركيّا بشكلٍ كبير. أسفرتْ محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016 عن فرضِ حالة طوارئ لمدّة عامين، تمّ خلالها فصل 125,678 موظّفاً حكوميّاً واعتقال العديد منهم. تزايدتْ النزعة الاستبداديّة بعد استبدال النظام البرلمانيّ بالنظام الرئاسيّ في عام 2017، ممّا منح الرئيس السلطة التشريعيّة من خلال المراسيم وأضعف استقلال القضاء.

فاقمتْ جائحة كوفيد-19 في عام 2020 نقاط الضعف الموجودة. عقب الزلزال الذي ضرب في عام 2023، توفّي أكثر من 50,000 شخص وتشرّد 2.7 مليون آخرين. أدّتْ الأزمة الاقتصاديّة المستمرّة التي بدأتْ في عام 2018 إلى انخفاضٍ قياسيّ في قيمة الليرة التركيّة وارتفاع التضخّم بشكلٍ كبير. ومع تعمّق الأزمة، ارتفعتْ مستويات الفقر وتدهورتْ ظروف المعيشة للجميع في تركيّا.

رغم تأثّر السوريّين بظروف المعيشة المتدهورة بنفس القدر الذي تأثّر به المواطنون الأتراك، إلّا أنّهم أصبحوا أيضاً كبش فداء وعرضة للكراهيّة.

ركّزتْ حملات المعلومات المضلّلة في البداية على ما يُسمّى بـ "امتيازات" اللاجئين السوريّين، خاصّة فيما يتعلّق بالدعم الماليّ. تمّ تضليل الناس بشأن كميّة ونطاق المساعدات المقدّمة. فشلتْ الحكومة في إعلامهم بشكلٍ دقيق. بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 وكانون الأول/ ديسمبر 2023، تلقّى الأشخاص الذين يستوفون معايير معيّنة مساعدات ماليّة ضمن برنامج شبكة الأمان الاجتماعيّ الطارئة.

إنّ التنصّل من المسؤوليّة من قِبل كلّ من الاتحاد الأوروبيّ والحكومة التركيّة لم يؤدِّ إلّا إلى تعميق محنة اللاجئين السوريّين وتعزيز العداء داخل المجتمع التركيّ

في عام 2023، بلغتْ قيمة المساعدة المقدّمة 300 ليرة تركيّة (14.6 يورو) للشخص الواحد شهريّاً. تمّ توزيع هذه المساعدة عبر بطاقة الهلال الأحمر التركيّ، ممّا سمح بالسحب من أجهزة الصرّاف الآلي لبنك زراعات، الأمر الذي أثار الاعتقاد بأنّ الحكومة هي التي تموّل هذا الدعم. في الواقع، كانتْ الأموال تأتي بالكامل من الاتحاد الأوروبيّ. انتهى البرنامج الأوروبيّ في كانون الأوّل/ ديسمبر 2023 وتمّ تسليم المسؤوليّات إلى السلطات التركيّة.

الآن، يتلقّى اللاجئون السوريّون الذين يستوفون المعايير مساعدة شهريّة تبلغ 230 ليرة تركيّة (6.39 يورو) للشخص الواحد عبر الهلال الأحمر التركيّ، مرّة أُخرى بتمويلٍ من الاتحاد الأوروبيّ. تمّ إخفاء هذه الحقيقة لتعزيز روايات مثل "دولتنا قويّة وعظيمة"، "الدولة التركيّة تُرحّب بالمسلمين"، و"الدولة التركيّة هي حامية الشرق الأوسط".

نتيجة لذلك، اعتقدَ المواطنون الأتراك أنّ "المال الذي جُمع من ضرائبنا يُنفق على اللاجئين". في الواقع، يتلقّى اللاجئون السوريّون مساعداتٍ ضئيلة، ويعمل معظمهم بشكلٍ غير قانونيّ وتحت استغلالٍ شديد.

اللاجئون السوريون في روسيا يستميتون لتحصيل حقوقهم (2)

23 تشرين الثاني 2017
هل يوجد لاجئون سوريون في روسيا؟ كيف يصلون إلى هناك؟ وماهي أوضاعهم؟ وكيف تتعامل السلطات الروسية معهم؟ وما هي قوانين اللجوء في روسيا؟ هنا حوار مع سفيتلانا غانوشكينا وناتاليا غونتسوفا،...

بمرور الوقت، أصبحتْ حملات التضليل والدعاية أدوات أساسيّة لزيادة التوتّرات العرقيّة وتقسيم المجتمعات. لدرجة أنّه بعد زلزال شباط/ فبراير 2023، انتشرتْ أخبار كاذبة عن قيام السوريّين/ات بنهب المنازل وشاحنات الإغاثة. وكأنّ النجاة من الزلزال وتحمّل ألم فقدان أفراد الأسرة لم يكن كافياً، تعرّض السوريّون للتعذيب في منطقةِ الزلزال.

قبل الانتخابات الرئاسيّة والبرلمانيّة لعام 2023، استخدم مرشّحو المعارضة التركيّة الخطاب القوميّ والعنصريّ لاستغلال مخاوف السكان الذين يُعانون من الأزمة الاقتصاديّة. أصبح المشهد السياسيّ غامضاً لدرجة أنّ زعيم حزب الشعب الجمهوريّ (CHP) كمال كليجدار أوغلو، الذي يدّعي أنّه ديمقراطيّ اجتماعيّ، أصبح مرشّحاً رئاسيّاً ورفع مع الزعيم اليمينيّ المتطرّف أوميت أوزداغ شعار "سنُعيد اللاجئين والمهاجرين إلى بلادهم".

استجابة لحملاتِ المعارضة، تعهّد أردوغان بإعادة مليون سوريّ خلال عام، رغم أنّ هذه السياسة تُعتبر غير واقعيّة وغير قانونيّة. فاز أردوغان في جولةِ الإعادة الانتخابيّة بحصوله على 52.18% من الأصوات بينما حصل كمال كليجدار أوغلو على 47.82%.

خلال الانتخابات، لم يتحدّث أيّ حزب سياسيّ عن حقوق الشعب السوريّ، حيث انتشرتْ المعلومات المضلّلة من جميع الأطراف السياسيّة. فشل اليسار، وخاصّة حزب الشعب الجمهوريّ (CHP) اليساريّ الوسطيّ، بشكلٍ كبير، ممّا وضع ناخبيه في مأزقٍ أخلاقيّ خطير.

خارطة طريق تتجاوز سياسات الهُويّة؟

مرّتْ عشر سنوات بالضبط منذ منح وضع الحماية المؤقتة للاجئين السوريّين في تركيّا. كان من المفترض أن يوفّر هذا الوضع للسوريّين إمكانيّة الوصول إلى الرعاية الصحيّة والتعليم وسوق العمل والمساعدة الاجتماعيّة وخدمات الترجمة مع ضمان عدم الإعادة القسريّة. من الواضح أنّ الآليّة الحاليّة تفشل في الوفاء بوعودها.

هناك حاجة ماسّة لتجاوز هذا الوضع المؤقّت/ المطوّل وتطوير خارطة طريق واضحة للمستقبل، سواء للمجتمع التركيّ أو للاجئين السوريّين. لا تحمل الأجواء الحاليّة في تركيّا أيّ مؤشّر على ما يُخبّئه المستقبل للشعب السوريّ. إذا تمّ ترحيلهم، سيواجه العديد من اللاجئين السوريّين خطر الاعتقال عند العودة، وتجعل الظروف العامّة في سوريّا العودة مستحيلة لمعظمهم. هذا يُبرز الحاجة الملحّة للحلول والسياسات طويلة الأمد كنتيجة مباشرة.

على الرغم من أنّ سياسات الاندماج المُستدامة والبنّاءة تبدو بعيدة عن الواقع في الوقت الحاليّ، إلّا أنّنا كشعب تركيّ، علينا أن نُدرك الحاجة الملحّة لتغيير موقفنا بشكلٍ جذريّ لترك الماضي وراءنا والتوقّف عن كوننا الجُناة. لا يُمكن الوصول إلى أيّ حلّ في هذا الوسط من المعلوماتِ المُضلّلة والخوف والاستغلال.

تمتدُّ الحاجة إلى معالجة محنة اللاجئين/ات السوريّين/ات في تركيّا إلى ما هو أبعد من دائرة النُخب السياسيّة القليلة. من الضروريّ أن يُشارك الجمهور الأوسع في هذه القضيّة، وأن يكون لديهم رأي عام مستنير يرى ما وراء المعلومات المضلّلة وسياسات الهُويّة.

يجب على الشعب التركيّ تحمّل المسؤوليّة في البحث عن المعلوماتِ الدقيقة وتحدّي السرديّات الكارهة للأجانب. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة ملحّة لإنشاء قنواتٍ للحوار داخل تركيّا ومع المجتمع الدوليّ. جهد دوليّ تعاونيّ ضروريّ لتطوير حلول مُلزمة قانونيّاً ومستدامة وإنسانيّة.

فقط من خلال نهج متضافر ومستند إلى المعرفة يُمكننا أن نأمل في إعادة تصوّر التقدّم والسلام والكرامة في هذا المجتمع.

مقالات متعلقة

جرحى انفجار مرفأ بيروت: السوريون يغرقون في الإهمال وعبء تكاليف العلاج بعد عامَيْن على الانفجار

03 آب 2022
على الورق، كان من المفترض أن تغطي الحكومة اللبنانيّة والمفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ووكالات الإغاثة الدولية تكاليف العلاج الطبي للأشخاص الذين أصيبوا بجروح في انفجار الرابع من آب،...
عبد الرحمن، رحلة العذاب واللجوء

01 آب 2016
رحلة عبد الرحمن من لحظة انشقاقه عن الجيش كي لا يضطر لقتل المدنيين إلى لحظة وصوله ألمانيا، مرورا بعملية "تهريبه" من اللاذقية إلى الشمال السوري، ثم عمله كإعلامي ينقل أخبار...
كورونا أم اللاجئون.. أيهما أخطر؟

18 آذار 2020
العزلة أمر صعب للغاية، فنحن كبشر نحتاج إلى بعضنا البعض أكثر مما كنا نتصور. وبناء على هذه الفكرة لا يمكننا فصل مشكلة الكورونا عن مشكلة اللاجئين العالقين اليوم على الحدود...

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد