(اللاذقية)، للمرة الثانية يدخل حسام. ك (اسم مستعار) بأعوامه الأربعين إلى صيدلية "عُلا" الواقعة قرب حي المنتزه (اللاذقية) فلا يجد صاحبه الصيدلي. يسأل عنه متردداً، فترد الصبية الموجودة لخدمة الزبائن: "إنه في منزله ولن يأتي اليوم بسبب مرض ابنه الصغير"، وتتابع الصبية: "تفضل إذا فيي أخدمك بأي شيء"، مُلاحظةً تردده أمام حضور زبون آخر تدفع له بورقة وقلم غامزةً إياه.
يأخذ حسام الورقة ويكتب عليها كلمةً واحدةً بالعربية، فهو لا يتقن اللغة التي يكتب بها الأطباء وصفاتهم، تنتبه الصبية إلى قلقه فتأخذ منه الورقة وتقرأها مبتسمةً ثم تدخل إلى غرفة ملحقة بالصيدلية، تأتي بظرف صغير، تختار له كيساً أسود اللون خلافاً للموصى به (الشفاف)، وتضع الورقة فيه ثم تناوله إياه مبتسمةً من جديد: "خمسة ألاف (حوالي دولارين) لو سمحت؟"، يناولها الرجل ثمنها ثم ينعطف خارجاً ويغيب في الجوار.
"غالبيتهم يخجلون من الطلب العلني"، تقول الصبية لنا في حوار مباشر، "كان الشاب يريد مقوياً جنسياً أجنبياً، الكل يعرفه هنا باسم الحبة الزرقاء (الفياغرا)، لكن الموضوع فيه إحراج لهم، خاصة أن العيون في مكان كهذا تكون في الغالب مصوّبة دوماً إلى اﻵخر، الكل يراقب الكل، لم تتغير هذه الثقافة الاجتماعية في مختلف البيئات، كلما صادفتُ شخصاً أساعده بصمت، لا هو يتجرأ على الكلام وﻻ أنا أرغب بإحراجه، ليس من النادر أن يدخل شخص إلى الصيدلية ويعرفه زبون آخر موجود لحظتها أو أنا، وهذه معلومات خطيرة (تضحك) أن يكون بحاجة لدواء أو مقوٍ جنسي في هذا العمر، أو في أي عمر كان".
تحمل الصبية شهادةً في الصيدلة ولم تتمكن من فتح صيدلية خاصة بسبب تكلفتها العالية، تتابع حديثها معنا فتقول لحكاية ما انحكت: "يدخل الموضوع الجنسي ضمن ثقافة المحرّم والمسكوت عنه، فالسمعة ستصبح على المحك، وسوف تنتشر اﻷحاديث والقيل والقال، وحكايتهم سوف تصبح على كل لسان، لذلك ليس غريباً أن يعيشوا أوضاعاً صعبة، ولا يفكرون بالبحث عن حلول مثل الذهاب لاستشارة طبيب مختص".
رجال ومراهقون... ولا نساء
ليس سهلاً أن يتجرأ اﻷشخاص الذين يأخذون أدوية جنسية على الحديث عمّا يفعلون، والجميع يفضّل الصمت على البوح، فما يزال الجنس من التابوهات الرئيسية في المجتمعات الشرقية مع الدين والسياسة بتعبير الكاتب الراحل "بو علي ياسين"، في كتابه الذي حمل اسم "الثالوث المحرّم".
إلا أن الظاهرة قائمة وليست جديدة، إلا أن الجديد فيها زيادتها بوضوح عبّر عنه ثمانية صيادلة التقيناهم في مدينة صغيرة مثل اللاذقية، وهي نسبة معتبرة نظراً ﻷن كل صيدلية تغطي مجالاً سكانياً لا يقل عن ألفي شخص، وبفارق مسافة جغرافية تصل إلى واحد كم بين الصيدلية واﻷخرى.
يلاحظ الصيادلة في اللاذقية، وبعض منهم يعمل صيدلانياً منذ ربع قرن فأكثر، أن الشريحة العمرية التي تتعاطى تلك اﻷدوية مختلفة اﻷعمار، من المراهقين إلى كبار السن، إلا أنها وسطياً تشمل الذكور بين الثلاثين والستين
يلاحظ الصيادلة السابقون، وبعض منهم يعمل صيدلانياً منذ ربع قرن فأكثر، أن الشريحة العمرية التي تتعاطى تلك اﻷدوية مختلفة اﻷعمار، من المراهقين إلى كبار السن، إلا أنها وسطياً تشمل الذكور بين الثلاثين والستين، وإن كان اﻷمر لدى كبار السن مقبولاً، فإنه لدى اﻷصغر سناً، أي بين العشرين إلى اﻷربعين، وهي فترة الزواج والذروة والنضوج الجنسي لدى البشر، حيث يفترض أن تكون العملية تلقائية ولا تحتاج إضافات، كما يشير الصيدلاني "معن. م" (مستعار/ 45 عاماً) الذي تقع صيدلته في منطقة "الصليبة"، فإن "ذلك يؤشر إلى وجود مشاكل نفسية وجسدية في هذه الشريحة الكبيرة من السكان".
يقوم المراهقون بتجريب تلك اﻷدوية من باب مختلف، يقول الصيدلاني "معن": "إن السبب في ذلك يرجع إلى تعزيز صورة الذكر الفحل، سواء لديه أو لدى شريكته في الفعل، خاصةً أن حضور الميديا قد غيّر كثيراً في بنية العلاقات الرابطة بين أفراد اﻷجيال الجديدة، ولو كان ذلك ضمن تابو المجتمع نفسه الذي يحرّم هذه العلاقات قبل الزواج، لكن تفكّك المجتمع نفسه وتغيّر تركيبته وضعف الرقابة اﻷسرية وغيابها والعامل الاقتصادي والنزوح والحرب جعلت توفر هذه العلاقات ممكناً دون كثير صعوبة".
تعيد الصيدلانية السابقة غياب النساء عن استخدام تلك الأدوية إلى "طريقة فهم الجنس لدى الناس في مجتمعاتنا، حيث من النادر أن تصرّح اﻷنثى بوصولها إلى النشوة في العملية الجنسية، حتى مع زوجها، لتبدو المرأة مجرد متلق ومنفعل وغير فاعل في العملية. بالطبع لا يمكن تعميم ذلك، كما لا يمكن قياسه بدقة، أضف إلى ذلك، أن الرجال أنفسهم قليلٌ ما يهتمون ﻷمر هذا الجانب، فهم في قطاع عريض من الرجال ليس لديهم معرفة أو ثقافة حقيقية بهذا الموضوع".
رجال في اﻷربعين "مصابون" في رجولتهم
يعترف أحد اﻷشخاص ممن استطعنا لقاءهم بعد توصية من الصيدلانية السابقة، أنه تعرّف على الحبة الزرقاء بفضل صديق مقرّب منه اقترح عليه تجربتها بعد أن كان منقطعاً عن ممارسة الجنس أكثر من ثلاثة أشهر بسبب خدمته العسكرية في ريف حماة، يتابع الرجل (41 عاماً، وهو مهندس يقضي سنته الرابعة في خدمة الاحتياط): "في البداية استهجنت الفكرة، حيث أنني لا أعاني من مشاكل جنسية مع زوجتي، لكن الفضول دفعني لتجربتها، ووجدت أنها مساعد جيد لي ولزوجتي في العملية".
خلاف هذا الكلام يرويه صديق مقرّب من "عامر .س" الشاب السابق، يقول "أحمد" (مستعار/ 45 عاماً): "لم يعد يطلع معي شيء، ما إن أفكر بالأمر حتى تصيبني كوابيس من عدم قدرتي على إتمام العملية، وهذا التفكير تكرر عدة مرات، فبعد ما شاهدته من موت وإصابات عبر سنوات الحرب لم أعد شخصاً طبيعياً، مات صديقي على كتفي في معارك ريف حماة مع المسلحين، وحملته مسافة كبيرة، بات القلق والتفكير والهم بأنواعه مانعاً لي من عيش حياتي كرجل".
لدى "أحمد" ثلاثة أطفال، أكبرهم في العاشرة من عمره، "أولاد زمن الحرب كما ترى"، ليست المشكلة في اﻹنجاب، فهذه تحدث بسهولة ما، لكن المشكلة في الممارسة الجنسية المرافقة حيث يتوقف كل شيء عن الحدوث، وهو ما يجعلني أشعر بالعار تجاه نفسي وتجاه زوجتي".
جيل اﻷربعينيات هو الجيل الذي يقضي عامه العاشر في الحرب، مقاتلاً غالب اﻷحيان، يغيب عن بيته وأسرته أسابيع وأشهر، وسط ظروف صعبة جداً وتغذية سيئة. يقول "أحمد" لحكاية ما انحكت: "الحرب لعينة، في أي لحظة أنت معرّض للموت، فكيف يمكنك أن تكون كائناً طبيعياً في ممارستك للجنس بعد غياب أشهر عن أي شيء طبيعي؟".
وبعد تشجيع "أحمد" لزوجته، وهي موظفة في الثلاثين من عمرها، للحديث عن المسألة، قالت إن ما حدث معهم كان سببه اﻷول واﻵخر الحرب: "كان أحمد موظفاً، وكانت مستورة، حياتنا العائلية لم يكن فيها ما هو غريب على غيرنا من السوريين، لكن الوضع تغيّر بعد أن قضى أحمد سنوات في الجبهات، أصبح هزيلاً، شارداً وقلقاً طوال الوقت، يفكر في أولاده الذين لا يراهم إلا كل شهر مرة وليوم واحد". وتعترف السيدة أنها حاولت عدة مرات مساعدة زوجها في تحقيق "ليلة هانئة": "لكن العامل النفسي كان يتفوق علينا، اقترحت عليه تجريب الحبوب المنشطة، رفض ولكنه أخيراً اقتنع، وكانت النتيجة جيدة بالنسبة لنا معاً".
اﻷمل الوحيد زمن الحرب!
يذهب البروفيسور "برايان سايكس" في كتابه "لعنة آدم" إلى أن ممارسة الجنس تزيد في الحروب عنها في اﻷحوال العادية، حيث تزيد حالات الزواج بأشكال مختلفة أثنائها، ويعزو سبب ذلك إلى "ارتفاع مستوى هرمون التستوستيرون" الذكري، وهو ما يأتي متعاكساً مع ازدياد حالات الموت دفاعاً عن بقاء السلالة". يؤكد صحة هذا الكلام أن عدد سكان سوريا رغم كل القتل والتهجير وصل إلى 18 مليون وفق إحصاءات المكتب المركزي للإحصاء عام 2017 ونفس الرقم تقريباً وفق إحصاءات عالمية.
تسببّت الحرب في إنهاك السوريين على أكثر من صعيد نفسي أو جسدي، فأفقدتهم توازنهم وهددت استقرارهم اﻷسري على مختلف الجبهات
"قبل الحرب كان هناك استخدام للحبوب المنشطة، لكن الحرب زادتها بوضوح"، كان هذا العامل أبرز الأسباب التي أشار لها الصيادلة الذين التقتهم حكاية ما انحكت "فالحرب والظروف التي تمرّ بها البلاد منذ عشر سنوات أنهكت البشر والحجر"، وتؤكد الصيدلانية السابقة كلام زملائها بالقول: "يرتبط فعل الجنس وتنفيذه بالشكل المرضي للطرفين بظروف نفسية وجسدية، لكن الحالة النفسية هي الشرر الذي يقدح العملية برمتها، لذلك تنصح غالبية نشرات تلك اﻷدوية بالتمهيد النفسي للعملية قبل ساعة على اﻷقل من بدئها".
من جانبها، أشارت طبيبة الأمراض الباطنية "خزامى العلي" (مستعار/ 52 عاماً) إلى أن الحرب أدت إلى تفاقم المشكلة، مبينةً "أن الاكتئاب والمشاكل الزوجية والضغط النفسي ومشاكل العمل كلها تعد الأسباب الرئيسية للضعف الجنسي لدى الرجال والنساء، لكنها تظهر أكثر لدى الرجال" مضيفةً: "يعاني كثير من اﻷشخاص من هذه المشاكل وسط الحرب، وهذا الضعف يقودهم لتناول المنشطات الجنسية".
ولكن هل هذه الحبوب هي اﻷمل الوحيد بحياة طبيعية زمن الحرب؟ الفكرة كما تقول الطبيبة أن جزءاً مهماً من المتعاطين يتحولون إلى الإدمان النفسي على هذه اﻷدوية حتى لو تكن لها فعالية كحال بعض المنشطات المحلية الصنع، وهو ما أشار له الشاب "عامر" الذي قال أنه لم يعد قادراً على ممارسة الجنس دون استخدام "الحبة الزرقاء" أو مادة مشابهة الفعل مثل "فاست فيكس" أو غيرها، لتبدو تلك الحبوب اﻷمل الوحيد في المحافظة على علاقة جنسية ناجحة.
تقول الطبيبة السابقة "إن العديد من اﻷمراض العصبية تؤثر بشكل سلبي على اﻷداء الجنسي، فالقلق والتوتر والخوف وغياب اﻷمان يجعل التحفز ﻷداء العملية الجنسية في أدنى درجاته رغم وجود الرغبة الجسدية، وتأتي هذه الحبوب لتجبر العملية الأيضية للقيام بما يحتاجه الجسد، وهي لذلك أحد أشكال اﻷمان النفسي قبل أن تكون علاجاً دائماً".
تسببت الحرب في إنهاك السوريين على أكثر من صعيد نفسي أو جسدي، فأفقدتهم توازنهم وهددت استقرارهم اﻷسري على مختلف الجبهات، وأولها مثلث اﻷمان الشهير (ماسلو)، "المأوى والغذاء والكساء"، وفوق ذلك حوادث الموت بأنواعها التي خلقت عدم ثقة وإحساساً بعدم الجدوى من الحياة، "فصارت المنشطات الذخيرة واﻷول بلحظات من العلاقة الحميمة وسط رعب الموت والحياة معاً" كما تقول الطبيبة السابقة.
يعترف "أبو صبري"، (45 عاماً) أحد عمال البناء في منطقة "بسنادا" (اللاذقية)، وهو من ريف حلب مهجّر منذ سبع سنوات ويعيل خمسة أطفال وزوجة غير موظفة أنه استخدم "الحبة الزرقاء" عدة مرات بعد أن توقف عن العمل لفترات طويلة بسبب اﻷوضاع الراهنة، يقول: "باﻷصل أنا أعمل مزارعاً، كان لدي أرض أفلحها وأزرعها وكان وضعي طبيعياً، إلا أن فقداني العمل والمال بالتالي، حوّلا حياتي إلى جحيم، ولذلك قررت تناول الحبة الزرقاء للحفاظ على علاقة جيدة مع زوجتي، في البداية كنت خجولاً في طلب المادة من الصيدلية، ثم حفظني الصيدلاني (يضحك)، كما ظهر لي أن كثير من رفاقي يتناولونها، ماحدا على رأسه ريشة هي اﻷيام".
الاستغناء عن هذه المنشطات مرتبط بالاستقرار النفسي الذي ينتج عن استقرار متتابع في مختلف شؤون الحياة البشرية، ويدرك المتعاطون هذه الحقيقة دون اﻹحساس بالدونية طالما أن الموضوع في غالبه يبقى "ثنائياً" ولا يخرج للعلن
يتناول الشاب حسب قوله، حبة في العملية الواحدة، ويشتري عادة نصف ظرف مؤلف من حبتين أو ظرفاً كاملاً (أربعة) حسب "الغلّة"، مضيفاً: "اﻷجنبي أفضل، لكن سعره أغلى، الحبة بألفي ليرة (2 دولار، تقترب من السعر العالمي حسب النوعية)، الوطني كل 4 حبات بحوالي دولار، وكل أسبوع أحتاج إلى حبة، يالله انشالله نتخلص منها بأقرب وقت"، ويعترف الرجل أنه أوقف التدخين لتأمين سعر الحبة الزرقاء التي تستهلك جزءاً من دخله اليومي الذي يتراوح بين 3-5 آلاف (3-5 دولار).
إنتاج محلي وآخر مهرّب وبعضه مضروب
مع انخفاض الرقابة الدوائية على اﻷسواق، فإن المنشطات الجنسية ذات المنشأ اﻷجنبي، خاصة الألمانية والأميركية، تباع في الصيدليات دون وصفة طبية في الغالب، وخاصة المصنوعة من منشأ نباتي، "حيث تعمل هذه العقارات على مبدأ رفع نسبة التشبع بالأكسجين في الدم، ولا تؤدي إلى آثار "مخدّرة" ملحوظة، وهو ما يجعل عملية بيعها للأشخاص غير المرضى بقصور القلب أو الكلى عملية مأمونة، لكن هناك من لا يعرف أن لديه قصور كلوي أو قلبي، وهو ما قد يؤدي للوفاة" وفق حديث الصيدلانية السابقة.
تختلف أسعار المنشطات والمقويات واﻷدوية الجنسية بين مكان وآخر وتبعاً لمصدرها إن كان محلياً أو تهريباً من تركيا أو من لبنان، فاستيراد المادة اﻷصلية (الفياغرا) غير مسموح في سوريا، "إلا أن سوقها ماشي" كما يقول الصيدلاني "معن"، وإلى جوارها هناك "الجنسنغ الصيني، والزلوع السوري، وهناك شركات محلية كثيرة لكل منها منتج، مثل الكوبرا، والسيلدا، والفيغا وإكسترا، وفاست فيكس وغيرها، ويبلغ سعرها بين نصف دولار إلى دولارين، ويعتبر سعرها المتدنيّ حافزاً لشرائها. "لكن المستجد في هذه السوق عشرات اﻹعلانات المتوافرة على منصات التواصل الاجتماعي التي تقدّم خلطات خاصة يختص بعضها بإطالة أمد الانتصاب أو تحريك الرغبة لدى النساء، لكن فعالية هذه الخلطات تبقى موضع شك وغير آمنة وقد تؤدي إلى أضرار دائمة غير قابلة للعكس".
لا توجد إحصاءات سورية رسمية عن كميات المبيع أو الاستيراد للحبوب المنشطة جنسياً، ولا شرائح المستخدمين الرئيسيين لها، وإن كان متوقعاً أن يكونوا من الرجال بأعمار مختلفة، ولا يعرف كذلك نسبتها من إجمالي الأدوية المباعة، وإن كان حديث الصيادلة يشير إلى نسبة لا تقل عن 10% لديهم من اﻷنواع المختلفة، وهي في حال صحتها نسبة معتبرة.
مخاطر وآمال
يقول اﻷطباء حول العالم وليس في سوريا فقط أن الاستخدام المتكرر للمنشطات يمكن أن يؤدي إلى مخاطر صحية كبيرة، ويحّذر الطبيب "محمد" (60 عاماً، طبيب عام) من أن مخاطر اﻹدمان تزداد بغياب رقابة طبية أو تناول للحبوب دون وصفة طبية تحدد الكميات المسموحة والجرعات المناسبة، مضيفاً: "يمكن أن تقتل هذه الحبوب كبار السن ومرضى القلب، لذلك يجب أن يتناولها الأفراد بناءً على إرشادات الطبيب فقط".
تفعل الحرب أشياء كثيرة، وتترك ندوبها في اﻷرواح كما في اﻷجساد، سواء كان المعني بأمرها مقاتلاً على جبهاتها أو مدنياً في خطوطها الخلفية، ذكراً كان أم أنثى، طفلاً أو شاباً. وﻷن الحرب، أيّ حرب، هي في أحد محاولات فهمها صراع الجنس اﻷكثر انتشاراً على اﻷرض على الموارد، فإن ما يحدث فيها يبرز قيمة "القوة" بوجه اﻵخر، ويبرز مفهوم السطوة والعلو والفحولة وغيرها من المفاهيم، على أن قيمة أعلى تظهر فيها، هي قيمة البقاء.
الاستغناء عن هذه المنشطات مرتبط بالاستقرار النفسي الذي ينتج عن استقرار متتابع في مختلف شؤون الحياة البشرية، ويدرك المتعاطون هذه الحقيقة دون اﻹحساس بالدونية طالما أن الموضوع في غالبه يبقى "ثنائياً" ولا يخرج للعلن، يقول "أبو صبري" العامل الحلبي السابق ذكره: "نأمل أن تكون هذه فترة مؤقتة، وعندما نعود إلى حياتنا الهادئة أو نعثر على عمل جديد، من المؤكد أننا سنتوقف عن تناول الحبوب المنشطة جنسياً".