(إدلب)، بين مؤيد ومعارض، انقسم الشارع الإدلبي حول عملية "نبع السلام" التي تشنها القوات التركية على مناطق شرق الفرات بدعم من "الجيش الوطني"، علما أنها العملية التركية الثالثة في شمال سوريا.
عارض البعض من الأهالي الهجوم التركي على مناطق الشمال السوري، معتبرين أنه تدخل سافر واحتلال صريح لمناطق شرق الفرات كونها مناطق محاذية للحدود التركية تمهيداً لضمها للأراضي التركية حالها كحال أنطاكيا ولواء إسكندرون، والتي اقتطعتها تركيا من الأراضي السورية، وهو ما يوضحه خالد السرميني (35عاماً)، وهو مدرس في التربية الحرة بالقول: "لا يمكن لأي دولة أن تقف مع الثورة السورية والشعب السوري إلا ويكون لها مصالح في الأراضي السورية، حيث عمدت تركيا للوقوف مع الشعب السوري في بداية الثورة لتنفيذ مخططاتها في إبعاد الأكراد عن حدودها، واللذين يشكلون خطراً على سيادة الدولة التركية".
ويتابع لحكاية ما انحكت قائلا: "وقوف تركيا مع الثورة ما هو إلا لتجنيد الفصائل والثوار لتنفيذ مساعيها واستخدامهم كوسيلة لإبعاد الخطر عن حدودها، فالشعب السوري يعاني من القتل والتهجير والإجرام الأسدي على مناطق ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي منذ أكثر من خمسة أشهر، بينما الضامن التركي يخطط للمنطقة الآمنة لدولته وليس للشعب السوري متناسياً تماماً المجازر التي تحدث في مدينة إدلب وريفها".
من جهته، يوافق محمد الأسعد (40عاماً) سابقه بالشكل ويخالفه في المضمون حيث يقول: "هذه التطورات السريعة التي تحدث على الأراضي السورية ما هي إلا اتفاقيات لخداع الشعب السوري والتآمر على الثورة السورية، فتركيا سمحت للنظام وروسيا السيطرة على ريف حماة الشمالي ومدينة خان شيخون مقابل سيطرتها على مناطق شرق الفرات، والتي سينزح سكانها الأصلين ويتم استبدالهم بأهالي ريف حماه الشمالي وريف إدلب الجنوبي في محاولة لعملية ديموغرافية جديدة، فليس من مصلحة تركيا أن يبقى المواطنون والسكان الأكراد على حدودها ونشاهد اليوم تنفيذ هذه اللعبة القذرة، والتي سيكون ضحيتها الملايين من الشعب السوري".
ولكن من جهة أخرى، هناك من يرى أن وجود الوحدات الكردية وميليشيا bkk مصدر خطر كبير على الثورة السورية، وهو ما يشرحه الطبيب خالد الصطيف (42عاماً) لحكاية ما انحكت إذ يقول: "لا يخفى عن الجميع مخاطر ميليشيا قسد الإرهابية على الثورة السورية وأنهم قاتلوا الجيش الحر في بداية الثورة وسقط الكثير من أبنائنا برصاص هذه الميليشيات المجرمة. ولا زلنا نذكر استشهاد أكثر من خمسة وتسعين مقاتلاً للجيش الحر في محافظة الرقة بسوريا".
ويضيف: "تسعى التشكيلات الكردية إلى تشكيل دولة كردية والانفصال عن الأراضي السورية، وهو ما لا يقبله أي مواطن سوري، فهذه الميليشات ليس لها أي أثر تاريخي في سوريا قبل القرن العشرين".
موضحاً أن الأكراد "دخلوا إلى سوريا حديثاً واستوطنوا مدنها الشمالية ومن ثم امتلكوا الجنسية السورية، ومشروعهم هو مشروع صهيوني وأمريكي لتقسيم الأراضي السورية".
ويشدد محمد الإبراهيم عضو، وهو مجلس محلي في ريف إدلب، على الفصل بين الشعب الكردي والمليشيات الانفصالية، بالقول "لا بد من الفصل بين الشعب الكردي والميليشيات الإرهابية والإنفضالية حيث عملت هذه التشكيلات على تهجير أهالي المنطقة واستباحة ديارهم وأموالهم وجندت أطفالهم، ومن مصلحة الجميع القضاء على هذه العصابة والمليشيات، فالشعب الكردي مكون أساسي من مكونات الشعب السوري".
استغرب الكثيرون تحرك الحكومات العربية والعالمية إزاء ما يحصل من إدانات وتهديدات لتركيا بينما يذبح الشعب السوري ويهجر على مرأى العالم وصمت عربي وعالمي دون أي تحرك يذكر.
فيصل العمر (45عاماً) نازح من مدينة كفرزيتا، يقول لحكاية ما انحكت: "نذبح على مدى خمسة أشهر في ريف إدلب وتقتل أطفالنا ونسائنا بأعتى الأسلحة في العالم وسط مباركة عربية وعالمية، فيما نرى اليوم تحرك بعض الدول العربية والجامعة العربية التي هي أساساً مغيبة عن الوضع في سوريا. أستغرب كل هذا التحرك العربي والعالمي إزاء ما يحصل في مناطق شرق الفرات، فهل دمائهم أغلى من دمائنا وأطفالهم أغلى من أطفالنا. كل البشر سواء ولكن المصالح متضاربة".
لاتزال الصراعات على الأراضي السورية مستمرة أمام أعين الشعب السوري الذي بات يدرك تماما حقيقة ما يحصل بين الدول وتفاهماتها، فاليوم وبعد تسع سنوات من الثورة أصبحت الأراضي السورية كعكة يتقاسمها "الضامنون" فيما بينهم.