"شاهدتُ الدورية قادمة باتجاهنا، كانت مؤلفة من ثلاث سيارات "بيك آب" مليئة بالعناصر الملثمين، وما إن توقفت على باب صيدلية والدي، حتى دخلوا جميعًا إليها موّجهين أسلحتهم إلى صدورنا، وانهالوا علينا بالضرب أثناء سوقنا إلى صناديق السيارات. لم تكن طريقتهم مختلفة عن سياسة استخبارات النظام وجهاز الحسبة التابع لتنظيم داعش بالاعتقال".
ستة وعشرون شهرًا، قضاها محمد (مستعار/ 19 عامًا) في معتقلات قوات سوريا الديمقراطيّة مُتهمًا بالانضمام إلى خلية تابعة لتنظيم "داعش"، تعرّض خلالها للتعذيب منذ لحظة اعتقاله في بلدته، في ريف دير الزور الغربي، مطلع أيار 2018، وحتى إطلاق سراحه في أواخر تموز 2020.
يستعيد محمد بصوت مرتجف تلك الفترة، مشيرًا أثناء الحديث إلى مواضع الضربات في جسده، ومبرزًا صورًا له التقطها بعد خروجه من المعتقل، "كانت جلسات التعذيب أشبه بالدور المنتظم، ففي نهاية كلّ أسبوع كنتُ أخضع للتعذيب مدّة تتجاوز ثلاث ساعات متواصلة، أتعرّض في كلّ جلسة منها للضرب بالمواسير المخصّصة للتمديدات الصحيّة، إضافة لـ"الشبح" (التعليق في السقف)، والصعقات الكهربائيّة في معظم الأوقات، ناهيك عن الضرب بالكرابيج وأكبال الكهرباء، والسحل على الأرض من الزنزانة إلى غرفة التعذيب وبالعكس، وبالتأكيد، لا راحة.. لا راحة بعد جلسات التعذيب، فلا يمكنك الاستلقاء بين أربعين سجينًا يجلسون في زنزانة لا يزيد طولها عن ستة أمتار، ولا يتجاوز عرضها ثلاثة أمتار".