الأخت الكبرى تراقبك

الأختية النسوية والسلطة والامتثال الفكري


وضع السابع من أكتوبر المنظّمات والمنصّات النسويّة أمام اختبارٍ عملي لمبادئهن، فإمّا التضامن غير المشروط أو تثبيت الاتهام بالعمالة والتطبيع مع الهياكل الاستعمارية. كان هذا تذكيراً قاسياً ومستمراً بالنظام الأبوي، حيث تحلّ الأخت الكبرى محلّ الأب والبطريرك.

13 أيلول 2024

فرح يوسف

باحثة سورية ونسوية مدافعة عن حقوق الإنسان. حاصلة على شهادة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية وعلى درجة الماجستير في علم الاجتماع. يركز عملها بشكل أساسي على المواطنة والنسوية والمسارات المهنية والمشاركة السياسية للنساء واللاجئين/ات في المجتمعات المضيفة.

صباح السابع من تشرين أوّل/ أكتوبر الماضي، استيقظتُ على هاتفٍ مُمتلئٍ بالإشعارات: رسائل عبر التطبيقات المختلفة وإيميلات وأخبار عاجلة. شعرتُ بانقباضٍ في قلبي؛ كانتْ الإشعاراتُ تحمل نذير كارثةٍ، مثل تلك التي تلقيتها عن الزلزال الذي هزّ سوريا وتركيا في شباط/ فبراير. كانت تلك اللحظة إيذانًا بانعطافٍ جديد، ليس أقلّ هولاً من ذلك الزلزال.

كنت أعملُ ضمن مشروعٍ نسويٍ إقليمي، نهدفُ فيه إلى تعزيز مشاركة النساء في صنع القرار السياسي. المشروع جمعنا، نحن النساء من سوريا واليمن وليبيا والعراق، وفلسطين، في جهودِ إنتاجٍ المعرفة النسويّة، والمناصرة محليًا ودوليًا، وبناء شبكات تضامنيّة. حين وردت الأخبار عن غزّة، أسرعت للاطمئنان على زميلاتنا هناك، مع الأسف، لم يكن هناك شيء يُطَمْئِن.

عن أب يساري: "يا رفيقة من سيجلي الجليات"

05 تموز 2024
"استطاعَ قريبنا اليساري، الشاعر والمثقف، الزواج باثنتين ليتمكّنَ من كتابةِ قصائد رقيقة تمنحُ قلوبنا السكينة"، فيما هرب الأب من مسؤولياته تجاه الأسرة ليكتب الرواية. هذا ما تقوله لنا الكاتبة والباحثة...

حين فتحتُ منصّة فيسبوك، وجدتُ نفسي أمام موجةٍ من الاحتفاء بعملية "طوفان الأقصى" الذي أتجرّأ اليوم وأصفه بالاحتفاء قاصر النظر. كان من الواضح لي منذ اللحظة الأولى أنّ هذه الكارثة ستؤثّر بعمقٍ على أهالي غزّة، وعلى نسائها بشكلٍ خاص، ومجتمعاتها المهمّشة والضعيفة، وكذلك على عملنا واستجاباتِ المجتمع الدولي لمناصرتنا القادمة. ولم يكن هذا بحال خيانة لإيماني بأحقيّة قضيّة التحرّر من الاستعمار بمختلف أشكاله.

في أوقاتِ الضعف والحشد والهزيمة من هذا النوع، غالبًا ما تستحضر فكرة "الأختية النسوية" صورًا عن الوحدة والقوة والهدف المشترك. تُصوّر كعلاقة تجمع النساء اللاتي يُناضلن ضدَّ الظلم، كأنّها عائلة تعد بالأمان والتضامن، حيث يكون الولاء مقدّسًا والدعم غير مشروط. أستخدم هذا المفهوم في سياقه السياسي خلال الموجة النسويّة الثانية في السبعينيات. ووفقاً لتعريف ويكي الجندر، تشير "الأختية" إلى "ممارسةٍ نسوية نضالية تعزّز التضامن بين النساء اللاتي تجمعهن تجارب متشابهة. وتهدف إلى تعزيز الوعي الجماعي بين النساء من خلال التضامن والرعاية المتبادلة، مع إدراك أنّ القمع يعتمد على الانقسامات والعزلة."

لكن ماذا يحدث عندما تتحوّل هذه الفكرة، التي تهدف إلى تمكين النساء، إلى عبءٍ يحدُّ من حريتهن؟ عندما تصبح "الأخت الكبرى" في الحركة شخصيّة سلطوية تطالب بالامتثال بدلاً من تشجيع التفكير النقدي؟ ماذا يحدث عندما تتحوّل فكرة الوحدة هذه إلى شكلٍ من أشكال السلطة، حيث يصبح الولاء للقضيّة مرادفاً للامتثال، ويُنظر إلى الاختلاف في الرأي على أنّه خيانة، لا نقد ضروري؟

التضامن الحقيقي لا يمكن أن ينبني على إلغاءِ الفروقات، بل على استثمارها لتقويّة الحركة النسوية

تعرّض مفهوم الأختية لانتقاداتٍ مُهمّة من قبل مفكّرات نسويات بارزات، ممّن أشرن إلى أنّ الأختيّة أغفلت كما طُرحت في الأصل الفروقات الكبيرة بين النساء. الكاتبة النسوية والناشطة الاجتماعية الأميركية بيل هوكس مثلاً، في كتابها "النظرية النسوية: من الهامش إلى المركز"، انتقدت الأختيّة التقليدية لتجاهلها التنوّع العرقي والطبقي بين النساء. دعت هوكس إلى إعادة تصوّر الأختيّة بشكل يعترف بتعدّد التجارب واحترام التنوّع. بالنسبة لها، لم يكن التضامن الحقيقي مُمكنًا دون الاعتراف بالاختلافاتِ الطبقيّة والعرقيّة التي تؤثّر بشكلٍ كبير على حياة النساء.

بنت الشاعرة والكاتبة النسوية الأميركية أودري لورد على هذا النقد في مقالها "أدوات السيد لن تهدم بيت السيد"، مسلّطة الضوء على الفجوة بين النساء البيضاوات وذوات البشرة الملونة. أكّدت لورد أنّ النسويات البيضاوات غالبًا ما فشلن في إدراكِ التحدّيات الخاصة التي تواجهها النساء من خلفيات عرقية مختلفة. ودعت إلى بناء تضامن نسوي يقوم على فهم هذه الفروقات، لا على تجاوزها.

أضافت عالمة الاجتماع شاندرا تالباد موهانتي بُعدًا آخر لهذا النقاش في مقالها "تحت أعين الغرب: الدراسات النسوية والخطابات الاستعمارية"، مركّزة على الفروقات الجغرافيّة والثقافيّة. انتقدت موهانتي النسويات الغربيات لتعميمهن تجارب النساء في الغرب على جميع النساء عالميًا، دون مراعاة الاختلافات في ظروف القمع التي تواجهها النساء في الجنوب العالمي. دعت موهانتي إلى تبني نهجٍ تقاطعي يعترف بتنوّع التجارب.

رحلتي من الاغتراب النسوي إلى الانفصام النسوي

19 آب 2023
"إن كانت نسوية رقم 0 (صفر) تنتمي إلى الموجة النسوية الثانية، والنسوية رقم 1 تنتمي للموجة الأولى، والنسوية رقم 2 تريد الولولة والندب على الحرب دون انتماء إلى موجة أو...

كلُّ هذه الانتقادات اتفقت على ضرورة إعادة تشكيل مفهوم الأختيّة ليكونَ أكثر شموليّة، مع التركيز على التضامن النسوي المبني على فهم الاختلافات. وأتفق معهنّ إذ أرى إنّ التضامن الحقيقي لا يمكن أن ينبني على إلغاءِ الفروقات، بل على استثمارها لتقويّة الحركة النسوية.

وأنا أكتب هذا النص الآن، أدرك تمامًا موقعيّتي الاجتماعيّة والسياسيّة: خلفيتي وتربيتي، وارتباطي العميق بقضية التحرّر من الاستعمار، إقامتي في فرنسا، دولة يسارها يدعم فلسطين، وتضع في الوقت نفسه قوانين صارمة لمكافحة خطاب الكراهيّة ومعاداة السامية. هذه الظروف تجعلني أكثر تفهمًا للتوتّرات التي تواجهها النسويات، خاصة عندما يُطلب منهن اتخاذ مواقف واضحة وسريعة في أوقات الأزمات.

لا أسعى هنا إلى تحليل ما حدث في السابع من أكتوبر، بل أحاول التفكير في المساحاتِ النسويّة التي تفاعلت فيها مع الحدث خلال العام الماضي، وهي تجربة عمّقت رؤيتي الناقدة لمفهوم "الأختية النسوية". لا أدّعي أن تجربتي تمثّل الحركات النسوية بشكلٍ عام، لكنها تفتح المجال للتفكير في حدود الأختيّة في بعض المواقف.

في هذا السياق، أستكشف كيف يمكن للفكرة النبيلة لـ"الأختية النسوية" أن تنقلب أحيانًا إلى هيكلٍ سلطوي. "الأخت الكبرى" في المساحات النسويّة قد تتبنى، بقصد أو بدون قصد، أسلوبًا شبيهًا بالسيطرة والمراقبة الذي يجسّده "الأخ الأكبر" في رواية جورج أورويل 1984. في هذه الرواية، يمثل "الأخ الأكبر" النظام الذي يطالب بولاءٍ مطلق وامتثالٍ كامل، بينما يقمع أيّ اختلاف في الرأي. عبارة "الأخ الأكبر يراقبك" تجسّد هذا النظام الذي يتغلغل في كلِّ تفاصيل حياة الأفراد، ليغمرهم بالخوف المستمر من المراقبة والسيطرة.

بشكلٍ مشابه، يمكن لـ"الأخت الكبرى" في المساحاتِ النسوية أن تمارسَ نفوذًا يسمح لها بتحديد ما هو مقبول من الأفكار وما يجب إسقاطه. وعلى الرغم من أنْ "الأخت الكبرى" لا تملك السلطة السياسية الصريحة التي يمتلكها "الأخ الأكبر"، إلا أنّ التشابه في أساليب فرض السلطة داخل بعض الجماعات النسويّة واضح. يتجلّى هذا النفوذ في قدرتها على توجيه النقاشات والتأثير على المشاركات، حتى يصبح الولاء للقضيّة مرادفًا للامتثال. يُنظر إلى أيّ نقدٍ أو اختلاف في الرأي كتهديدٍ للوحدة النسويّة، بدلاً من اعتباره عنصرًا ضروريًا لتطوّر الحركة. تستند سلطة "الأخ الأكبر" إلى الخوف والقهر، بينما تستند سلطة "الأخت الكبرى" إلى مفاهيم الولاء والتضامن والخبرات المشتركة.

الأخت الكبرى تطعن في شرعيّتك

في الربع الأخير من السنة الماضية وضعتُ كلّ معارفي النظريّة تحت اختبار مكثّف ولا يخلو من القسوة. وجدتُ نفسي قياديّةً منتخبةً متحمّسةً في موقع سلطة في مؤسّسةِ سياسةٍ نسويّة سورية، ولم تكن الموارد الماديّة للمؤسّسة تتيح لنا أكثر من التضامن العلني مع الشعب في غزّة. تباينت الآراء بين من يريد تركيز الجهود على القضيّة السوريّة فقط، ومن يطالب بتضامن أوسع يصل إلى دعم المقاومة المسلحة. هذه التباينات، إلى جانب ضغوط القيادة، جعلتني أتساءل عن طبيعة السلطة داخل الحركات النسويّة نفسها.

بنيّة العائلة العربية، بشكلها التقليدي، تعتمد على تسلسلٍ هرميٍ صارم يُمنح فيه الأفراد الأكبر سنًا أو الذكور سلطة اتخاذ القرارات، مع توقّعات بالامتثال من أفراد الأسرة الأصغر سنًا أو الأقلّ سلطة. هذا النظام الهرمي يغرس مفهوم الطاعة والامتثال في الأفراد منذ الصغر، حيث يُعتبر التساؤل حول السلطة العائليّة شكلاً من أشكال التمرّد أو عدم الولاء. هذا التأطير العائلي يُعاد إنتاجه داخل الحركات النسويّة عندما تتبنى قيادات معيّنة دور "الأخت الكبرى"، وهو دور يحمل في طياته نفوذًا ضُمنيًا يعتمد على الخبرة أو المكانة داخل الحركة.

يمكن لـ"الأخت الكبرى" في المساحاتِ النسوية أن تمارسَ نفوذًا يسمح لها بتحديد ما هو مقبول من الأفكار وما يجب إسقاطه

هذا النموذج العائلي يؤثّر بشكل كبير على كيفيّة فهم النسويات للسلطة والتضامن في الحركات السياسيّة والاجتماعيّة. فعندما تُترجم هذه البنيّة إلى الحركات النسوية، كما هو الحال في ديناميكيّات العائلة العربية، يمكن أن تأخذ فكرة "الأخت الكبرى" معان سلطويّة في المساحات النسويّة. في العائلة، غالبًا ما تمتلك الأخت الكبرى مكانة قيادية أو سلطة على الشقيقات الأصغر، تفرض القواعد والتوقّعات، أحيانًا للحفاظ على النظام وأحيانًا لفرض قيمها الخاصة. وبينما يمكن أن يكون دورها رعائياً، إلا أنّه يمكن أيضًا أن يتحوّل إلى قمع، حيث يُعتبر التساؤل حول سلطتها علامة على عدم الاحترام أو الولاء.

يتكرّر هذا السيناريو نفسه في بعض المساحات النسوية. غالبًا ما توجد "أخوات كبريات" في هذه المساحات، ليس بالعمر بالضرورة، إنّما أصوات تعتبر نفسها أكثر خبرة أو معرفة أو ارتباطًا بالأيديولوجيات الأساسيّة للحركة، ويمكن أن تستخدم وصولها لمانحين أو شخصيّات سياسيّة واعتبارية لتثبيت نفسها في هذا الموقع. هذا الأمر بحدِّ ذاته ليس مشكلة؛ إذ تحتاج الحركات إلى قيادات. لكن المشكلة تظهر عندما تتحوّل هذه السلطة إلى توقّع غير معلن بوجوب اتباع الآخرين لقيادتها دون تساؤل. وكما أنّ كلمة الأخت الكبرى في العائلة تصبح أحيانًا قانونًا، في المساحاتِ النسوية، قد تواجه من تتحدّى هؤلاء القادة أو أفكارهم مقاومة، وتُوصف بالمشاغبة أو الخيانة للقضيّة والتشكيك في النسويّة.

يخلق هذا جوّاً يُثبط التساؤل أو النقاش الجاد حول الأفكار النسويّة الرئيسية خوفًا من إزعاج الوحدة الهشّة للمجموعة. وكما هو الحال في العائلة، حيث يُعتبر الولاء أحياناً أسمى من التفكير المستقل، يمكن أن تصبح الأختيّة النسويّة أكثر ارتباطًا بالحفاظ على التضامن بدلًا من الانخراط في نقاشٍ فكريٍّ هادف.

وهو ما حدث. كانت هذه الصراعات الجانبيّة تستنزف الكثير من طاقتنا، وتمنعنا من تنفيذ ما التزمنا به في برامجنا الانتخابيّة، وتضعنا موضع تشكيكٍ دائم حيث علينا أن نبرّر كلّ خطوةٍ وكلّ كلمة. لم يكن هذا جوّاً يمكنني الاستمرار في العمل فيه، وكان هذا تذكيراً قاسياً ومستمراً بالنظام الأبوي، حيث تحلّ الأخت الكبرى محلّ الأب والبطريرك.

المقاومة المسلحة الرقميّة: إمّا أن تكوني معنا أو ضدّنا

وضع السابع من أكتوبر المنظّمات والمنصّات النسويّة كذلك أمام اختبارٍ عملي لمبادئهن، فإمّا التضامن غير المشروط أو تثبيت الاتهام بالعمالة والتطبيع مع الهياكل الاستعمارية.

سارعت عدّة منصّات إلى إعلان دعمها الكامل للمقاومة المسلحة، متبنيّة موقفاً ينفي وجود أيّ مدنيين أو مدنيّات في إسرائيل، حتى الأطفال لم يُستثنوا من هذا الطرح. وطالبت هذه الصفحات جميع النسويّات بأخذ موقف حاسم تجاه ما يحدث، بالتوازي مع دعواتٍ لمقاطعة كلِّ الجهات المانحة التي لا تصدر بيانات داعمة لفلسطين.

في هذا السياق، جاء بيان "مناهضة الاستعمار قضية نسوية"، الذي دعت فيه الرفيقات والشريكات في النضال إلى الوقوف بثبات خلف المقاومة الفلسطينية. وعلى الرغم من انتقاد البيان لـ"الثنائيات التبسيطية"، أصرّ على رفض "أي تشكيك في فعل هذه المقاومة كفعل تحرري خالص"، ووصف المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها بأنها "ممارسة مجيدة". توقيع حوالي 100 نسوية ومنظمة نسوية على هذا البيان أضفى ثقلاً إضافياً على الموقف النسوي الداعم للمقاومة.

لو حاض الرجال..

23 تموز 2021
في هذا النص تسخر الكاتبة والناشطة النسويّة الأمريكيّة، غلوريا ستاينم، من الذكوريّة، ومن الثقافة الأمريكيّة التي سادت في الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم، حيث مثّلت الذكوريّة والعنصريّة وجهًا مهمًا من...

كذلك، تبنى بيان حركة "فلقطنا" التونسية موقفاً راديكالياً في دعمه للمقاومة المسلحة. وجاء فيه: "نحن مناضلات حركة فلقطنا النسوية الكويرية الراديكالية نعبّر عن تضامننا المطلق مع المقاومة الفلسطينية المسلحة". وحذر البيان من "خطابات الأنسنة المتصاعدة التي تساوي بين المستعمِر والمستعمَر"، معتبرين أن هذه الخطابات تخدم أجندات المستعمر. إلا أنّ هذا الموقف الراديكالي يثير تساؤلات حول مدى استيعابه لأصوات تُسائل جدوى المقاومة المسلحة.

هذا الخطاب، الذي يمجّد المقاومة دون استثناء، يطرح تساؤلات حول تعقيدات العنف الذي قد ينتج عنها، خاصة فيما يتعلّق بتأثيره على المجتمع الفلسطيني نفسه. في هذا الإطار، قد يغفل الخطاب بعض الأصوات النسويّة التي تسعى إلى فهم أكثر شمولاً للعنف وتأثيراته، ورؤية أكثر توازناً وفعاليّة للتحرّر من الاحتلال.

بالمقابل باحت لي صديقات يعملن في جمعيات نسويّة بمخاوفهن من إصدار بيانات تضامنيّة، إذ يخشين من الملاحقة بقوانين معاداة السامية في دولهن، أو من خسارة تمويل ضئيل بالأساس، ممّا سيحرم النساء من برامجٍ ضروريّة.

كان موقفي واضحًا منذ البداية: لم أكن بحاجة إلى أحداث السابع من أكتوبر لأقتنعَ بعدالة قضيّة التحرّر الفلسطيني. نحن نحمل تاريخًا طويلًا من القهر والظلم، وما لا يعدّ من قراراتٍ من مجلس الأمن، وآلاف الوثائق والأرشيفات التي تثبت أحقيّة هذه القضيّة. ومع ذلك، لن أدعم حماس. وبينما كنت أعتبر سؤالي المتكرّر، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، عن أنّ إدانتي لحماس إهانة تتجاهل تعقيد سنوات الصراع، إلّا أنني أدين حماس بالفعل. أدينها من أعماق قلبي، ليس فقط على هذه المغامرة، بل أيضًا على العواقب الوخيمة لهيمنتها على غزّة، وأخص بالذكر صديقاتي هناك اللواتي يعشن مع عائلاتهن تحت الحصار والخوف.

المشكلة تظهر عندما تتحوّل السلطة إلى توقّع غير معلن بوجوب اتباع الآخرين لقيادتها دون تساؤل

رغم ذلك، لم أشارك هذا الرأي علنًا على وسائل التواصل الاجتماعي. لم أكن أرغب في أن يصبح موقفي جزءًا من صخبِ المواقف المستقطبة أو أن يُستغل كأداة في حرب الاستعراضِ الرقمي. بدلاً من ذلك، ناقشت هذه الآراء في دوائر ضيّقة تُشاركني نفس الرؤية، رؤية بعيدة عن المزايدات، ترفض العنف وتدرك حجم المأساة التي تعيشها غزّة. كنت ممتنة لوجود هذه الدائرة القريبة من النساء النسويات اللواتي يشاركنني تلك النظرة المتوازنة، فنحن لا نبحث عن تسجيل مواقف علنيّة أو التماهي مع تياراتٍ سياسيّة، بل نهدف إلى الحفاظ على القيم الإنسانية والعدل أثناء سعينا للتحرّر.

ومع ذلك، كان من الصعب الهروب من الضغوط المستمرة. كنت مُطالبة، بشكلٍ مباشر وغير مباشر، بأن أعلن موقفي علنًا، ليس بسبب أهميّتي الشخصيّة، بل لأنّ النسويات دائمًا ما يُساءلن في الأزمات. يبدو أنّ هناك توقعًّا دائمًا بأن تُظهر النسويات ولاءً عامًا اعتذارياً ينفي ارتهانهن للغرب أو تُعلن مواقف واضحة في كلِّ منعطفٍ سياسي. لكنني كنت أرى أنّ إعلان الموقف في هذا السياق لن يخدم القضيّة، بل سيزيد من تعقيدها، ويخلق مساحة أكبر للاستقطاب والانقسام داخل الحركات النسويّة.

اخترتُ ألّا أنخرط في هذه اللعبة العلنيّة، ليس هروبًا من المسؤوليّة، بل لأنني أؤمن أنّ الحوار الحقيقي لا يحدث على المنصّات العامة التي تُطالبنا بالتبسيط والاصطفاف. كان موقفي الخاص نتاج نقاشاتٍ معمّقةٍ وتفكيرٍ نقدي، بعيدًا عن فرض ثنائيات "مع أو ضد". ما أريده هو نقاش حقيقي حول كيف يمكننا تفعيل الدور النسوي في التحرّر، دون أن نكون أسرى لمواقف سياسيّة مبنيّة بالأساس على نظامٍ عالمي غير مُنصف.

النسوية في الجزائر

18 تموز 2023
من ثورة التحرير الجزائرية واستقلال الجزائر عام ١٩٦٢ حتى الثورة عام ٢٠١٩، ثمّة تاريخ نسوي غير مسلّط عليه الضوء بعد بما يكفي، ولذا تحاول هذه المادة استعراض مسار أو مسارات...

في بيان "نحو وعي نسوي" جاء أنّ "بعض الأصوات المحسوبة على النسوية وقعت في فخ العنصرية الاستعمارية، والدفاع عن النساء من منظور بيولوجي ضحل". لكن القضيّة هنا تتجاوز مسألة التضامن البيولوجي؛ هي إشارة لخطورة نزع صفة المدنيّة عن الأشخاص وما يترتب عليه من انتهاكات. نزع الإنسانية وصِفة المدنيّة عن الفلسطينيين فتح الطريق أمام سلسلةٍ من الانتهاكاتِ المبرّرة بالعنف العسكري، بما في ذلك قتل المدنيين وتدمير البنيّة التحتيّة. في هذا السياق، يطرح تساؤل حول خطاب "الأختية" النسوية عند الإصرار على نزع الإنسانيّة والمدنيّة عن نساء إسرائيل، دون إشارة حتى ولو بخفوت إلى ترويعهن واختطافهن، حتى وإن كان ذلك ردّ فعل على بروباغندا استخدمتهن لتبرير القمع ضدَّ الفلسطينيين. دون أن ينتقص ذلك بأيّ حال من حقِّ الفلسطينيات والفلسطينيين في مقاومة الاحتلال والنضال ضدّ القمع الذي يتعرضن له.

إذن، لسنا "أخوات" بالمعنى الحرفي للكلمة؛ نحن نساء نتبنّى مواقف متباينة، نتحمّل درجات مختلفة من المسؤولية، وننطلق من مواقع اجتماعيّة وسياسيّة قد تكون متضاربة. لا يكفي أن نقع جميعًا تحت وطأة البطريركية ذاتها لنتجاهل هذه الفروق ونتوحد في أختيّة واحدة تتغافل عن تعقيدات واقعنا المتنوّع.

في مثل هذه البيئات، يصبح الامتثال الفكري شرطًا للدخول إلى المساحاتِ النسويّة. فالضغط للحفاظ على التضامن يؤدّي إلى تردّد في التعبير عن آراء مخالفة، حتى وإن كانت ضرورية لتطوير الحركة النسويّة ذاتها. هذا الامتثال قد يبدو وكأنّه أمان؛ من الأسهل البقاء داخل حدود الأختيّة بدلاً من المخاطرة بالتهميش والخروج عن الجماعة. لكنّني رفضت هذا الامتثال بشدّة، لأنه يتناقض مع المبادئ التي أحملها. كنت أؤمن بأنّ النقد والتنوّع في الآراء هو ما يُغني الحركة النسويّة ويمنحها القوّة لمواجهة التحديات، لا الامتثال الصامت الذي قد يحدّ من تطوّرها.

كما هو الحال في العائلة، حيث يُعتبر الولاء أحياناً أسمى من التفكير المستقل، يمكن أن تصبح الأختيّة النسويّة أكثر ارتباطًا بالحفاظ على التضامن بدلًا من الانخراط في نقاشٍ فكريٍّ هادف

مع الوقت، بدأت تظهر الأصوات المعارضة والناقمة على عملية طوفان الأقصى من داخل غزّة. وبدأت الأصوات التي كانت تخشى التخوين تتعالى للاشتباك مع شرعيّة حماس، والنظر بعينٍ نقديّةٍ للمقاومة الإسلاميّة المسلحة، وتبعات العمليّات العسكرية غير متكافئة القوة.

وبدأت كذلك أصوات تعلو مدينة الاحتفاء بحزب الله، رغم أنّه كان ولا يزال يُعتبر بالنسبة للكثيرين نموذجًا للمقاومة المسلّحة ضد إسرائيل، إلّا أنّ أصواتًا بدأت ترتفع لتسلّط الضوء على التناقضات العميقة في هذا التصوّر. فكيف يمكن اعتبار حزب الله رمزًا للمقاومة بينما هو متورط في جرائم وحشية في سوريا، ويمارس نفوذه السياسي والعسكري في لبنان بأساليب قمعية؟ بدأ النقد يكشف ازدواجيّة المعايير لدى من يمجدون حزب الله ويغضون الطرف عن الجرائم التي ارتكبها، سواء في دعمه للنظام السوري أو في دوره السياسي المعقد في لبنان.

كانت هذه الأصوات تطرح تساؤلات عميقة حول مفهوم المقاومة ذاته: هل يمكن اعتبار كلّ شكل من أشكال المقاومة المسلّحة مشروعًا أخلاقيًا؟ وهل يمكن للفصائل المسلّحة التي تسبّبت في معاناة شعوبها أن تستمر في تقديم نفسها كأبطال للمقاومة ضد الاحتلال؟ بدأت هذه التساؤلات تؤدّي إلى تفكير أعمق في الخيارات المتاحة للشعوب المحتلة والمضطهدة، وفتح باب النقاش حول أهميّة النظر إلى المقاومة بنظرةٍ نقديّةٍ، تُراعي النتائج والتبعات الإنسانية والسياسية للعمليات العسكرية.

رغم ظهور هذه الأصوات الناقدة والمحلّلة للوضع العسكري والسياسي في غزّة، إلّا أنّ النقاشات النسويّة حول هذا الموضوع بقيت غير كافية برأيي. على الرغم من محاولات بعض النسويات التعامل مع تعقيدات الوضع وتقديم نقد بنّاء للمقاومة المسلّحة وممارسات الفصائل، إلا أنّ الكثير من هذه النقاشات ظلّت محصورة بين تأييد غير مشروط أو صمت مُحبط خوفًا من التخوين أو الخروج عن الإجماع الظاهري. في حين كانت هناك محاولات لفتح حوارات أعمق حول دور النساء في سياقات العنف السياسي، ومسؤولية الحركات النسويّة تجاه المدنيين، ودور النساء في صنع القرار السياسي، بقيت هذه الحوارات سطحية في كثير من الأحيان.

هروب مزدوج: "ما عشته طوال تلك السنوات لم يكن سوى اغتصاب"

31 كانون الثاني 2022
لم تعرف "نعمت" يوماً الرعشة الجنسية مع زوجها، احتاج الأمر رحلة عبور طويلة، من سوريا إلى ألمانيا، تخلّلتها تجارب كثيرة دفعتها لاكتشاف جسدها ومعرفة حقوقها، إنما ليس دون أثمان ومصاعب...

الحرب اليوم لم تعدْ مجرّد سلاح ومواجهات عسكرية؛ ولا يمكن خوضها بالشعارات الحماسيّة والتستوسترون، بل بالتعامل الجدّي مع مهامنا في دخول حرب المعلومات والذكاء الصناعي والتأثير الإعلامي. النضال الآن يجب أن يتوجّه نحو تغيير هيكلي جذري في المنظومة الدوليّة التي تأسّست على أنقاضِ حروبٍ سابقة، ولم تحقّق السلام أو العدالة منذ نشأتها. هذه المنظومة، التي ظلّت تخدم مصالح القوى الكبرى، تحتاج إلى مواجهةٍ حقيقيّةٍ وإعادة تشكيل تعيد للعدالة مكانتها وتحقّق السلام الفعلي، بدلاً من تكريس دوامة الصراعات القائمة. وهو جوهر النسويّة التقاطعيّة، التي تهدف إلى تفكيك الأنظمة التي تدير الصراعات وتزيدها تعقيدًا.

النضال ضد الاحتلال والقمع السياسي يُعتبر نضالًا مشتركًا بين الحركات النسويّة وتيارات المقاومة المسلحة. كلا الطرفين يسعى لتحقيق العدالة والحرية. ومع ذلك، فإنّ النسويات يُواجهن معضلة عندما يكتشفن أنّ الهياكل الذكوريّة التقليديّة قد تكون جزءًا من نفس الحركات التي يُفترض أنّهن يتضامنّ معها. إنّ هذه الأيديولوجيات الذكورية قد تفرض نفسها بشكلٍ صريح أو ضمني، ممّا يقيّد حقوق النساء ويعرقل مساهماتهن داخل تيارات المقاومة.

أزمة النضال الرقمي تتجاوز النسويّة، فمع تطور التكنولوجيا، أضحت أدوات مثل "الهاشتاغات" ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة سريعة للتعبير عن التضامن مع القضايا النسويّة، دون الحاجة إلى التعمّق في جوهر النقاشاتِ أو التفكير في تبعاتها. هذا "التضامن السريع" قد يتحوّل في كثير من الأحيان إلى أداةٍ لفرض الامتثال؛ إذ يصبح الأفراد مطالبين باتخاذ مواقف علنيّة سريعة وحاسمة دون منح أنفسهنّ الوقت الكافي للتفكير أو التقييم. بذلك، تتحوّل منصات مثل فيسبوك وتويتر إلى ساحاتٍ لمحاسبة مدى "ولاء" الأفراد للقضيّة، ممّا يفرض ضغوطًا كبيرة على الجميع للإعلان عن دعمهم، حتى وإن كانوا بحاجة إلى المزيد من الوقت أو التفكير العميق لتحديد موقفهم الحقيقي.

كيف يمكننا تفعيل الدور النسوي في التحرّر، دون أن نكون أسرى لمواقف سياسيّة مبنيّة بالأساس على نظامٍ عالمي غير مُنصف؟

من جهةٍ أخرى، تتصف النقاشات في هذه المنصّات الرقميّة بالسرعة والانفعال العاطفي، وهو ما يجعلها غير ملائمة للتفكير النقدي المتأنّي. كما أشرت سابقًا، يمكن للمستخدمين بسهولة الوقوع في فخّ "الإلغاء" أو التخوين، حيث يُنظر إلى أيّ محاولة للنقد أو التساؤل حول الأيديولوجية السائدة على أنّها خيانة للأختيّة النسويّة أو المقاومة أو القضيّة الفلسطينية.

في ظلّ هذه البيئة، يصبح من الضروري إعادة النظر في كيفيّة تحقيق توازن بين التعبير السريع على الإنترنت وبين الحاجة إلى نقاشاتٍ فكريّة أكثر عمقًا في المساحات الواقعيّة. الحل قد يكمن في تكامل الفضاء الرقمي مع الفضاء الواقعي؛ إذ يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كمنصّة لبدء النقاشات، لكن لا ينبغي اعتبارها النهاية. ينبغي أن تُتاح مساحات آمنة خارج هذه المنصّات الرقميّة، مثل المؤتمرات، الملتقيات المجتمعيّة، أو مجموعات التفكير النقدي، بحيث يتمكن الجميع من المشاركة في حوارٍ مفتوح وعميق دون الخوف من العزلة أو التخوين.

أدرك أنّ المشكلة قد لا تكون في مبدأ الأختيّة ذاته، بل في آليات تطبيقه. لا أعارض فكرة الأختيّة بتطرّفٍ، ففي لحظاتٍ معيّنة، وددت أن تنجح الوحدة التي تتجاوز الاختلافات الفكرية، الطبقيّة، وحتى الشخصيّة. في أوقات القمع المُمنهج للنساء، وحين تهيمن سلطات الأمر الواقع على حياتهن وعملهن السياسي والاجتماعي، شعرت بالحاجة الملحّة لهذه الأختيّة. تلك التي تتجسّد في تضامنٍ حقيقيٍ يتجاوز حدود المنشورات على منصّة فيسبوك أو رسائل الدعم العابرة.

ورغم هذا الإيمان، شعرت بخيبة أمل من الأختيّة النسوية السوريّة. التحدّيات الواقعيّة التي تواجهها النساء في سياقات العنف السياسي، التمييز الطبقي، والانقسامات الثقافيّة تصعّب  ترجمة هذا المفهوم إلى فعلٍ موّحدٍ ومستدام. تختلف تجارب النساء، وتتأثّر هذه الاختلافات في توقّعاتنا من الأختيّة وفي قدرتنا على توحيد الصفوف. فالتباينات الاجتماعيّة، والخلفيّات الثقافيّة، والتجارب السياسيّة المختلفة تخلق انقسامات قد تفشل الأختيّة في تجاوزها.

في النهاية، لا يمكن إنكار أنّ الأختيّة النسويّة، رغم نواياها النبيلة، لا تستطيع وحدها مواجهة التعقيدات الهائلة التي تعيشها النساء في سياقات العنف والصراع السياسي والاجتماعي. التضامن وحده لا يكفي إذا لم يكن مصحوبًا بوعي نقدي قادر على مواجهةِ الانقساماتِ والتفاوتات التي تفرّقنا أكثر ممّا توّحدنا. إنّ الأختيّة، في شكلها التقليدي، قد تكون سلاحًا ذو حدين؛ فهي إمّا تعزّز التضامن وتفتح آفاقًا للتعاون، أو تتحوّل إلى قيدٍ يفرض الامتثال على حساب التنوّع والاختلاف.

ما نحتاجه الآن هو حركة نسويّة شجاعة بما يكفي لتعيدَ النظر في نفسها، لتتحدّى الهياكل الهرميّة الموروثة التي تسربت إلى داخلها، ولتحتضن التعدّديّة الفكريّة والاختلافات كعناصر أساسيّة في بناء التضامن الحقيقي. هذا التضامن لن يأتي من الشعارات أو الولاءات العمياء، بل من القدرة على الحوار والنقد البنّاء. يجب أن نكون على استعداد للاعتراف بأنّنا لسنا "أخوات" بالمعنى الشامل للكلمة، ولكنّنا نساء نخوض نضالات متعدّدة نحو مستقبلٍ مشترك، أكثر عدلاً وحريّةً للجميع، وفي هذا التعدّد تكمن قوّتنا.

مقالات متعلقة

دليل غير مكتمل لدراما أكثر نسويّة

02 أيار 2023
الدراما النسوية كما أفهمها توّفر تمثيلاً أفضل للنساء، تبني على فهم لعلاقات القوة والبنى الاجتماعية، تشتبك مع هياكل السلطة، وتتبنّى نظرة تقاطعية مركّبة. لا تقف إذاً عند بطولة نسائية تعيد...
جرائم العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي في سوريا

30 كانون الثاني 2021
ما هو العنف الجنسي؟ ومتى نقول أن مواطنا أو مواطنة تعرضت لهذا النوع من العنف؟ ماذا تقول القوانين الدولية والسورية في شأنه؟ ما هي العقوبات وكيف يمكن محاكمة الجناة؟ أي...
حلقة السلام: عن خالاتي السوريّات وحمّامنا البلدي في الغربة

29 آذار 2024
حلقة السلام هي مجموعة دعم نفسي للنساء الناطقات باللغة العربية في ألمانيا تعتمد على نهج العلاج النفسي "جشطالت". بسمة المهدي تكتب عن هذا الفضاء (الافتراضي) للشفاء والتواصل.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد