(تم دعم هذا التحقيق من خلال برنامج Check Global COVID-19 microgrants,، وبدعم من موقع ميدان)
(القامشلي)، بعد خروجه من مدينته سري كانية اعتقد أنها آخر المعارك التي سيشهدها ولم يكن يعلم أنّ معركة أخرى بانتظاره وعليه هو أن يقودها، لاسيما أنها معركة غير تقليدية.
يشغل الدكتور، جوان مصطفى، منصب الرئيس المشترك لهيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا اليوم، ورغم الارتياح النسبي البادي عليه بعد مرور "المرحلة الأخطر" لكن يعتريه القلق من هجوم مباغت للفيروس الذي شغل البشرية جمعاء، ويقول "لا أدري إلى متى أستطيع التحمّل، استيقظت منذ السادسة صباحاً وأعمل حتى الآن" وينظر إلى ساعته التي تشير إلى الحادية عشر ليلاً.
كورونا خلف الباب
المرأة الخارقة في زمن كورونا
بدأت الإدارة الذاتية باتخاذ إجراءات احترازية من فيروس كورونا بعد تسجيل إصابات في المناطق المحاذية لها كـ إقليم كردستان العراق والمناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، لتبدأ في أواسط مارس/ آذار بمنع التجمعات السكانية كخطوة أولى، وضحّت الإدارة بالاحتفال بعيد نوروز التاريخي في سبيل الوقاية من كورونا، رغم أن سنينا طويلة من حكم حزب البعث المناهض للكرد لم يستطيع منعهم من الاحتفال بالعيد الذي يعتبر بداية العام الجديد.
لكن رغم ذلك شوهدت تجمعات لبعض السكان المحتفلين بالعيد. يقول لحكاية ما انحكت، آلان خليل (26عاماً) وهو أحد المشاركين في الاحتفال "كورونا غيّر ملامح النوروز، حيث العدد قليل والقلق يسيطر على الناس (...) نعم خرجت للعيد لكنني أحاول التقيد بإجراءات السلامة".
من جانبه، يتحدث حسن جمعة (46 عاماً) لحكاية ما انحكت عن ضرورة الابتعاد عن التجمعات التي من شأنها نشر الفيروس "بلا شك النوروز مقدس، لكن الصحة أقدس من كل شيء".
إغلاق تدريجي
الإغلاق جاء تدريجياً، فبعد منع الحركة بين المدن الرئيسية، فرضت الإدارة في 23 مارس/ آذار إغلاقاً كاملاً وحظراً شاملاً للتجول، سبقه حملات تعقيم للمؤسسات الرسمية والمرافق العامة، بما فيها إغلاق كافة المعابر الحدودية، سواء مع مناطق الحكومة السورية، أو المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا أو معبر سيمالكا الحدودي مع إقليم كردستان العراق.
وتقول لحكاية ما انحكت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية، بيريفان خالد، إن الإجراءات الاحترازية ساهمت "بشكل فعال في تأخير ظهور الإصابات في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، لا سيما إغلاق المعابر وعدم وجود سياح في المنطقة".
دفاع هش
يتواجد في مناطق الإدارة الذاتية (محافظتي الحسكة والرقة وأجزاء من القسم الشمالي والشرقي لمحافظة حلب والريف الشرقي لدير الزور) 18 مشفى عام بسعة 506 سريراً، إحداها مشفى تخصصي هو مشفى القلب والعين في القامشلي، بالإضافة إلى 38 مشفى خاص، والتي تفتقد إلى الكثير من الأجهزة الطبية وتحوي 565 سريراً فقط، مما يعني قدرة جميع المشافي مجتمعة على استقبال نحو ألف مريض فقط، العدد الذي يبدو معدوماً أمام العدد الكلي للسكان في منطقة شمال وشرق سوريا، والذي يقدر بنحو /4/ مليون شخص بحسب إحصائيات غير رسمية.
ويبلغ عدد الأطباء في عموم المنطقة نحو 3,000 طبيب باختصاصات مختلفة، لكن المنطقة تعاني نقصاً بعدد أجهزة التنفس الاصطناعي التي يبلغ عددها 63 جهازاً فيما يبلغ عدد مراكز الحجر الصحي التي أنشأتها الإدارة منذ آذار /مارس الفائت 27 مركزاً بسعة سريرية تصل إلى نحو 1070، بحسب بيانات الهيئة.
وتعاني بعض المدن من انعدام أجهزة التنفس مثل مدينتي عامودا والدرباسية الواقعتان على الحدود السورية التركية، بالإضافة إلى قلة الإخصائيين في الأمراض الصدرية والتنفسية.
ولا يخفي الدكتور جوان مصطفى في حديثه إلى "حكاية ما انحكت" حاجتهم إلى الكوادر والأجهزة الطبية، بالإضافة إلى قسم "جيد " من الأدوية، ويعزو "نصرهم البدائي" على كورونا إلى الإجراءات الاحترازية التي اتخذته إدارته، وكذلك خبرة كادره الطبي طيلة تسع سنوات من الحرب رغم "الإمكانات الضعيفة في الحالات الحرجة" وفق قوله لحكاية ما انحكت.
وتضيف مسؤولة العلاقات في هيئة الصحة، فاطمة حاجي في تصريح لـ"حكاية ما انحكت" أنهم أقاموا دورات تدريبية "مقتضبة" لأغلب الكوادر الصحية الموجودة في المنطقة، وذلك بغية "تأهيلهم لمواجهة الوباء العالمي".
وتقول الهيئة بأنها لا تملك إحصائيات حول نسبة الأمراض التنفسية التي يعاني منها سكان المنطقة، لكن الدكتور محمد (كما يعرّف نفسه) يقول بأن نسبتها "كبيرة" نتيجة الدخان المنبعث من مولدات توليد الكهرباء وكذلك تكرير النفط بطرق بدائية في المنطقة.
الشمال السوري... من لم يمت بالقصف مات بكورونا!
29 آب 2020
ويتحدث محمد لحكاية ما انحكت عن صعوبة الوضع الصحي في مدينة الحسكة (أكبر المدن التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية)، قائلا أنه لا يتواجد فيها سوى طبيبين باختصاص الجراحة الصدرية، وطبيبين للأمراض الصدرية، أحدهم مسافر إلى دمشق، مبديا تخوفه من هشاشة الوضع الصحي في حال حدوث "الانفجار"، والذي يتوقع حدوثه نهاية أغسطس/آب الجاري.
ويضيف الطبيب الذي يتحدث لـ "حكاية ما انحكت" أثناء وقت مناوبته في إحدى المشافي الخاصة بمدينة الحسكة، أنّ أعراضاً هضمية تبدو بادية على المصابين أكثر من التنفسية مثل الإسهال وفقدان حاستي الذوق والشم مترافقاً مع ألم بطني، وذلك في الحالات الخفيفة، بحسب قوله. وهذا ما تؤكده الناطقة باسم لجنة الصحة التابعة للإدارة الذاتية روجين أحمد، والتي تضيف بأنهم يعملون حالياً على فهم طبيعة الفيروس "المتحوّل" بحسب وصفها.
ولا تخفي ريمة العيسى (27 عاماً) وهي ممرضة في مشفى بالقامشلي صعوبة المهمة أو "المستحيلة" وفق وصفها لحكاية ما انحكت، وتعلل ذلك بنقص الخبرة في التعامل مع هذه الحالة وهذا الفيروس "الجديد"، وتضيف بأن الأمر أشبه بـ "محاولة رجل هزيل لصد عاصفة".
"اكتشاف للإنسانية جمعاء"
الدكتور جوان مصطفى نفسه أعلن في الـ 20 من مارس/ آذار الفائت عن توصل الإدارة الذاتية إلى إختراع يكشف الإصابة بفيروس كورونا خلال 30 ثانية، وذلك في مؤتمر صحفي بمدينة القامشلي، شمالي سوريا، فيما شكك مراقبون بهذه القدرة، حيث أن فحوصات جهاز PCR تأخذ ساعات لحين ظهور النتيجة.
وقالت الإدارة إن نماذج من "الكيت" استخدم في "ثلاث مشافي بمقاطعة ووهان الصينية وأثبت الكيت نجاحاً في اكتشاف الوباء بنسبة ٨٠ إلى ٨٥ بالمئة"، ووصفت الكيت بأنه "اكتشاف للإنسانية جمعاء".
ووزعت الإدارة هذا "الكيت" على جميع نقاط الفحص الطبي واعتمدته كجهاز أساسي لفحص الكورونا، وذلك وسط عدم حيازتها على جهاز PCR المعتمد عالمياً في الكشف عن الكورونا، قبل أن يقوم إقليم كردستان العراق بإرسال 6 أجهزة "PCR" في أوقات لاحقة للإدارة الذاتية.
وبات كلمة الفصل اليوم لجهاز الـ"PCR" بعد توفره وتخلّت الإدارة عن "اكتشافها" لتعتمد الجهاز المعتمد عالمياً.
كورونا... ضيف ثقيل
أصدرت الإدارة الذاتية في 17 أبريل/ نيسان للعام الحالي بياناً ذكرت فيه أن شخصاً من مواليد الحسكة يبلغ من العمر 53 عاماً توفي نتيجة إصابته بفيروس كورونا!
واتهمت الإدارة منظمة الصحة العالمية بإخفاء نتائج فحوصات الشخص "الإيجابية" عنهم. وحملتها مسؤولية انتشار فيروس كورونا في مناطقها.
وقالت الإدارة الذاتية إنها علمت بوفاة الشخص من "مصادر ثانوية في حين أن الحكومة السورية والصحة العالمية التزمتا الصمت حيال هذا الموضوع الخطير".
وإلى ذلك الحين، لم تكن أجهزة PCR متوفرة في المنطقة، فكانت منظمة الصحة العالمية، وبالتعاون مع الحكومة السورية قد أرسلت عينات الرجل إلى العاصمة دمشق ورغم ورود النتيجة "الإيجابية" لم يتم إخطار الإدارة بها لا من قبل الحكومة السورية ولا منظمة الصحة العالمية، بحسب ما ورد في بيان الإدارة.
ويتواجد مقر رسمي لمنظمة الصحة العالمية وسط مدينة القامشلي وضمن المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية.
وكانت تلك أولى الحالات المسجلة بفيروس كورونا في مناطق شمال وشرق سوريا، لتكون حالة وفاة فورية وبدء مرحلة جديدة في مواجهة الوباء العالمي.
"علاقات جيدة" مع الصحة العالمية
حياتي مع "الكورونا"
28 آب 2020
الدكتور جوان مصطفى ذكر خلال حديثه لحكاية ما انحكت، أنه بعد إعلان وفاة أول حالة "تطورت العلاقة بينهم وبين منظمة الصحة العالمية"، وذلك بعد انتقادهم للأخيرة لإخفائها نتائج تلك الحالة.
وأوضح مصطفى أنهم يتواصلون مع "ممثلهم في شمال سوريا، وكذلك المدير العام في سوريا، والذي يتواجد في العاصمة دمشق، بالإضافة إلى ممثليهم في جنيف".
وأضاف الرئيس المشترك لهيئة الصحة أن "الصحة العالمية ساعدتهم بحسب إمكانياتها"، دون أن يفصح عن مضمون تلك المساعدة.
وحاولت "حكاية ما انحكت" التواصل مع أحد ممثلي منظمة الصحة العالمية في سوريا، لكن لم يتم الرد على الطلب حتى الآن.
أبناء المنطقة.. غير مرّحب بهم!
تزامن إعلان الوفاة مع إرسال الحكومة السورية لمسافرين من العاصمة دمشق عبر طائرات الشحن، والتي تعرف بإسم "اليوشن" إلى مطار القامشلي، وذلك في الوقت الذي سجلت في العاصمة دمشق إصابات عديدة بالفيروس، واستقبل مطار القامشلي خلال الأسبوع الثاني من نيسان/ أبريل الفائت 3 رحلات حملت كل واحدة نحو 200 مسافر، واستطاع أغلبهم الهروب من الاقتياد الى مراكز الحجر الصحي عبر طرق غير شرعية.
وقال أبو دلوفان (كما يعرف نفسه) وهو صاحب أرض زراعية ويبلغ من العمر 53 عاماً، بأنه قصد "الشام منذ أواسط مارس/ آذار لمراجعة طبيبه" حيث يعاني من عدم انتظام دقات القلب، وانتظر لنحو عشرين يوماً إلى أن عاد عبر طائرة الشحن" التي تشبه كل شيء إلا الطائرة" بحسب تعبيره.
ولم يلتزم أبو دلوفان ولا مرافقه بالحجر الصحي واستطاع "الهروب" من المطار دون المرور من أماكن تواجد الفرق الطبية التابعة للإدارة الذاتية، ليكمل طريقه إلى منزله في عامودا، ويقول "أعلم أني لا أحمل الكورونا، حيث أنني لم أخالط أحداً في الشام".
واتهم جوان مصطفى "النظام بعدم التعاون للوقوف بوجه كورونا، كونهم قاربوا القضية بشكل سياسي" في إشارة إلى أن أزمة كورونا لم تكسر حاجز الجليد بين الطرفين ولا تزال الخلافات سيد الموقف.
إصابات أخرى
أعلنت الإدارة في 29 أبريل/ نيسان تسجيل إصابتين جديدتين بفيروس كورونا، وهي لزوج وزوجته من مدينة الحسكة ومن المخالطين للمتوفي، متهمة الحكومة السورية بـ "عدم التعاون وإدخال المواطنين دون إجراء الفحوصات اللازمة" إلى مناطق الإدارة الذاتية.
هذا ما فعله كوررونا...
06 حزيران 2020
وتقول الإدارة أن الحكومة تتعمد إدخال مصابين بالفيروس إلى مناطقها، ولا تسمح لفرقها الطبية بالدخول إلى داخل المطار وإجراء الفحوصات اللازمة، وحاولت "حكاية ما انحكت، الحصول على رد من مسؤولين حكوميين في الحسكة والقامشلي لكنهم رفضوا التعليق.
لتفرض الإدارة بعدها حجراً على حي العمران (موقع سكن الحالتين) غربي الحسكة، وتمنع الدخول والخروج من المدينة، وتمدد حظر التجول في عموم مناطق سيطرتها حتى 11 مايو/ أيار، ثم أعلنت في 12 مايو/ أيار عن شفاء إحدى تلك الحالات بعد التزامه بالحجر المنزلي.
ويقول الحاج أحمد عمير (51 عاماً) وهو المتعافي من الفيروس بأن 4 مسحات أخذت منه وكانت نتائج الثلاث الأخيرة سلبية بعد نتيجة إيجابية لأول مسحة، مؤكدا لنا أنه لم تظهر عليه أعراض بالغة واكتفى بالحجر المنزلي لحين شفائه.
مراكز للحجر الصحي
حولت الإدارة الذاتية ٨ مدارس وصالة أفراح (بسعة ٣٠٠ سرير) إلى مراكز للحجر الصحي في "إقليم الجزيرة" (تقسيم إداري سنته الإدارة الذاتية ويعني محافظة الحسكة)، بحسب الرئيسة المشتركة لهيئة الصحة في إقليم الجزيرة، رابرين حسن، والعدد الكلي لمراكز الحجر الصحي في عموم مناطق شمال وشرق سوريا 27 مركزاً (بسعة سريرية تصل إلى نحو 1070).
وافتتح الهلال الأحمر الكردي في العشرين من أبريل /نيسان الفائت مشفى "كوفيد 19" لاستقبال الحالات الحرجة، والذي يعتبر الأول من نوعه في مناطق شمال وشرق سوريا، بسعة 120 سريراً مجهزة بمنافس ويفصل بين الأسرة مسافة 3 متر.
انكماش اقتصادي
منصف أم مُجحف؟
23 أيار 2020
الإغلاق الكامل أوقف مئات الآلاف من العاملين عن العمل، وذلك نتيجة الإجراءات الاحترازية لمواجهة الفيروس. ويرى الباحث الاقتصادي، جلنك عمر، أن الإغلاق آثر بشكل سلبي على جميع القطاعات الاقتصادية، لكن أكثرها تضرّراً هم العمال المياومين (من يحصلون على مقابل العمل بشكل يومي) حيث أنهم فقدوا مصدر دخلهم الوحيد.
وأعلنت الإدارة الذاتية في 29 مارس/ آذار المنصرم عن مساعدة ذوي الدخل المحدود عبر توزيع سلل غذائية عليهم، لكن تلك الخطوة لم تترجم على أرض الواقع ولم تغطي أكثر من 10% من الفئة المستهدفة، بحسب أبو خليل وهو عامل بناء من مدينة الحسكة، ويوافقه عمر الرأي بأن تلك المساعدات لم تستطع سد حاجات تلك الفئة.
ويضيف الباحث الاقتصادي أن "الإدارة الذاتية أيضاً تحملت نفقات وواجهت أعباء اقتصادية إضافية نتيجة بناء مراكز صحية وعمليات التعقيم…).
ويعتقد عمر أن مجتمع شمال وشرق سوريا قادر على الالتزام نسبياً بالمزيد من حظر التجول لكن على الإدارة مساعدة الفئات المحتاجة.
ويعاني هوكر شيخو (38 عاماً) من ديون مترتبة عليه، وذلك بعد حظر استمر لشهر كامل ولم يستطع خلالها العمل كعامل لنقل مواد البناء، ويقول لحكاية ما انحكت: "صراحةً لا نخاف من كورونا، حيث رأينا ما هو أخطر منها" في إشارة إلى الحرب الدائرة في سوريا منذ نحو عقد من الزمن.
الفقر أخطر من كورونا
يعمل أبو دلال كسائق شاحنة لنقل الإسمنت بين معبر سيمالكا الحدودي ومناطق شمال وشرق سوريا. لكن حظر التجول حرمه من تشغيل الشاحنة التي يعمل عليها لشهر كامل وأفقده حق الدواء الذي يتعاطاه حيث يعاني من مشاكل في الكلية.
ونزح أبو دلال قبل 5 أعوام مع عائلته من ريف حلب الى القامشلي هرباً من "الاحتياط" الذي دعته اليه الحكومة السورية. وتقول زوجته بسيمة حمدو لحكاية ما انحكت "الكورونا خطر لكن الفقر أخطر".
قنابل موقوتة
تتخوف الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة من تفشي الفيروس إلى داخل المخيمات الموجودة ضمن مناطق إدارتها. وتقول لحكاية ما انحكت "تسجيل أي إصابة في المخيمات يعني كارثة إنسانية، كون الإمكانيات قليلة والخدمات الصحية ضعيفة".
ويتواجد في مناطق الإدارة الذاتية /14/ مخيماً، يتضمن /114,774/ شخصاً بحسب إحصائيات الإدارة الذاتية، أكبر هذه المخيمات هو مخيم الهول الذي يأوي عائلات مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية/ داعش".
وكانت إجراءات طبية خجولة قد اتخذت في تلك المخيمات أبرزها تخصيص خيمة للعزل في حال ظهور إصابات مع حملات توعية قامت بها منظمات غير حكومية.
ميزانية "جيدة" بالمليارات!
لم تفصح الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة بيريفان خالد عن الميزانية التي صرفتها إدارتها على "أزمة كورونا" مكتفية بالقول بأنها ميزانية "جيدة"، لكن الرئيس المشارك لهيئة الصحة جوان مصطفى ذكر أن الميزانية بلغت نحو 3 مليار ل.س.
معتقلون أحرار
مع تنامي خطر كورونا أصدرت الإدارة الذاتية عفواً لإطلاق سراح معتقلين "ممن اقتربت محكوميتهم من الانتهاء أو اقترفوا أخطاء بسيطة" بحسب ما تقوله بيريفان خالد لـ "حكاية ما انحكت".
سجن العقاب.. أخطر سجون جبهة النصرة في إدلب
21 نيسان 2020
تجارة الاعتقال في سجون ومعتقلات النظام السوري
16 نيسان 2020
وفي السياق نفسه، ذكرت مصادر لحكاية ما انحكت من الإدارة أن إجراءات طبية "جيدة" تم اتخاذها ضمن السجون كالتعقيم ومنع الزيارات، بالإضافة إلى إصدار توجيهات إلى إدارة السجون بتوزيع المساجين على مساحات أوسع.
وفي السياق نفسه، كان مجلس سوريا الديمقراطية (الجناح السياسي لقسد) قد أعلن في الرابع من نيسان/أبريل عبر بيان عن تشكيل فريق عمل للتقصي حول مصير المعتقلين والمختطفين والمغيبين قسرياً على عموم الجغرافية السورية.
المتحدث الرسمي لمجلس سوريا الديمقراطية، أمجد عثمان، أوضح في تصريح خاص لـ"حكاية ما انحكت" أن المبادرة هي دعوة للأطراف المختلفة على الأرض السورية لإنهاء ملف الاعتقال السياسي، وقال: "ملف المعتقلين هو إنساني ويجب أن يكون فوق كل العمليات التفاوضية والسياسية".
وعبر عن أمله بإن يفضي الملف الى تهيئة الأجواء للبدء بعملية سياسية جادة ومسؤولة. لكن المجلس لم يعلن عن أي نتيجة لعمله حتى الآن. ولم تعطي الإدارة الذاتية أو "مسد" أي أرقام حول عدد المعتقلين المتواجدين في مراكز الاعتقال التابعة لها.
النساء يدفعن ثمن خطورة كورونا
أعلنت الإدارة الذاتية في نهاية يونيو/ حزيران عن حصيلة حالات العنف الأسري المسجلة خلال فترة حظر التجول خلال مؤتمر صحفي حضرته "حكاية ما انحكت".
وقال مجلس عدالة المرأة في الادارة الذاتية، إن الإحصاءات المسجلة في مناطق شمال شرق سوريا خلال فترة الحظر( بين مارس/آذار ويونيو/حزيران)، تشير إلى وقوع 14 حالة قتل و16 حالة انتحار و126 ضرب وإيذاء، بالإضافة 150 حالة خلاف زوجي.
واعتبر المجلس أن "هذه الحالات تدخل ضمن العنف الأسري".
المجلس نفسه أشار إلى العدد الكبير بالمقارنة مع الفترة القصيرة التي تم فرض الحظر خلالها.
وتحدثت إحدى النساء اللواتي تعرّضن للعنف الأسري خلال فترة حظر التجول لـ"حكاية ما انحكت". وتقول خديجة (اسم مستعار) "الآغا (في إشارة إلى زوجها) بات في المنزل 24 ساعة وبات كل شيء موضع جدل ومشكلة، ولكي يفرغ طاقته كان يضربني".
مخاوف جديدة
الإدارة الذاتية لم تعلن النصر على كورونا رغم عدم تسجيل إصابات كثيرة بالمقارنة مع المناطق والدول المجاورة، لتعاود اتخاذ تدابير وقائية جديدة أبرزها إغلاق المعابر منذ 13 يوليو/ تموز الحالي، وطالبت الالتزام بالتباعد الاجتماعي ضمن دور العبادة وكافة أنواع التجمعات.
الترويج لثقافة العنف ضد النساء بالفكاهة
واعتبرت بيريفان خالد وجود القوات الأمريكية والروسية في مناطق شمال وشرق سوريا عائقاً أمام تطبيق القرارات وتشكل مخاوفاً لانتشار الفيروس، حيث قالت "تلك القوات تتحرك من تلقاء نفسها، وتمثل خطورة كونها تقوم بتغيير جنودها وهناك انتشار للفيروس في تلك الدول".
وقالت هيئة الصحة في تصريح لـ "حكاية ما انحكت" إن كلّ من أمريكا وروسيا لم يقدما أية مساعدات في ظل أزمة كورونا".
وفي هذا السياق يتخوف أبو شيرو (42 عاماً من سكان القامشلي) من وجود القوتين، خاصة في مدينته ويقول "مثلما جلبوا الاتراك سيجلبون لنا الكورونا أيضاً".
انفجار قريب
مناطق شمال شرق سوريا لها نصيب من الموجة الثانية لفيروس كورونا، وحتى تاريخ 11اغسطس/ آب، أعلنت الإدارة عن إصابة 138 شخص بفيروس كورونا ووفاة 5 أشخاص مع تعافي 10 آخرين.
لذلك بادرت الإدارة الذاتية إلى فرض حظراً للتجول لمجابهة الفيروس المنتشر، لكن يبدو أن الآوان قد فات حيث الإصابات لا تزال في منحى تصاعدي وتوقعت هيئة الصحة أن يكون أواخر أغسطس/آب الجاري موعداً لانفجار الحالات، وهو ما عبر عنه الطبيب جوان مصطفى، بالقول لحكاية ما انحكت الوضع غير جيد، الحالات كثيرة والفيروس منتشر، فرضنا حظراً للتجوال بغية تأخير الإنفجار الذي لا مهرب منه".
