الكتّاب الكرد السوريون

الذين يكتبون بالكردية أحياناً وبالعربية غالباً


لماذا يكتب قسم من الكتْاب الكرد باللغة العربية؟ وهل يكون هذا أدباً كردياً أم عربياً في هذه الحالة؟ أم أدب عربي بروح كردية؟ ولماذا قرّر بعض الكتّاب الكرّد أن يكتبوا بالكردية بعد أن كتبوا بالعربية؟. هذا ما يجيبنا عنه بعض الكتّاب الكرد.

14 تشرين الأول 2023

مها حسن

روائية سوريّة مقيمة في فرنسا.

"إنه كردي، لكنه يكتب بالكردية!".

تبدو هذه العبارة غريبة، حيث من الطبيعي أن يكتب أحدنا بلغته: أن يكتب الألماني بالألمانية، أن يكتب الفرنسي بالفرنسية، أن يكتب الإسباني بالإسبانية... لكن مع ذلك، فإنّه ليس من المعتاد، أن يكتب الكردي باللغة الكردية.

أغلب الكتّاب الكرد، يكتبون بلغة البلد الذين وُلدوا فيه وعاشوا فيه وحملوا جنسيته: فالكردي التركي، مثل يشار كمال كتب بالتركية، والكردي الإيراني، مثل علي محمد الأفغاني أو منصور ياقوتي أو قطب الدين صادقي، يكتبون بالفارسية، والكردي العراقي، مثل بلند الحيدري وتحسين كرمياني وكولالة نوري وغيرهم كتبوا ويكتبون بالعربية، وكذلك حال الكثير من الكتّاب الكرد السوريين، الذين يكتبون بالعربية، والذين لوّنوا المشهد الإبداعي السوري، في الرواية والشعر، وهم كثيرون إلى درجة يكادون يشكلون نصف الكتاب في سوريا، ويمكن ذكر بعضهم مثل: سليم بركات، محمد عفيف الحسيني، جان دوست، هيثم حسين، لقمان ديركي،  مروان علي، دلير يوسف، ريبر يوسف، وداد نبي، مها بكر، إبراهيم محمود، نزار آغري وغيرهم. بل يمكننا العودة إلى أسماء كتّاب مشهورين، يكتبون بالعربية، دون الانتباه أو معرفة أنهم كرد، مثل الشاعر الكبير أحمد شوقي، الملقب بأمير الشعراء.

هل هو أدب عربي مكتوب بالكردية أو أدب كردي؟

أسئلة التغيير المتنامي في السرديات السوريّة

12 كانون الثاني 2021
ما هو التغيير الذي حصل ويحصل في السرديّات السوريّة بعد نصف قرن من التبدّل العميق الذي أصاب المجتمع السوري منذ بداية زمن الديكتاتوريّة العسكريّة حتى الحرب الأخيرة والتهجير؟ وهل ثمّة...
إرهاصات التجديد في الرواية السوريّة

19 كانون الثاني 2021
ضمن ملف "الرواية السوريّة" الذي تعدّه وتحرره الروائيّة روزا ياسين حسن لصالح حكاية ما انحكت، تناقش المقالة الأولى للدكتورة نوال الحلح التغييرات التي طرأت على الرواية السوريّة خلال سنوات السبعينيات...

ثمّة جدل كبير يدور حول هوية الأدب المكتوب باللغة العربية من قِبل كتاب أكراد، فمنهم من يعتبره أدبا كردياً مكتوباً باللغة العربية، ومنهم من يرفض هذا التعبير، كما ورد لدى المترجم إبراهيم خليل، الذي يُترجم من العربية والفرنسية إلى الكردية، والذي يُدرّس حالياً في قسم اللغة والأدب الكردي بجامعة روج آفا في مدينة قامشلو، حيث قال في أحد اللقاءات معه رداً على "إشكالية تحديد هوية أو تصنيف نتاجات الأدباء الذين يكتبون بغير لغتهم الأم": "الموضوع بديهي أكثر مما تتصوّر، فشكسبير أديب انكليزي لأنّه كتب بالإنكليزية وهوغو روائي وشاعر فرنسي لأنه كتب بالفرنسية وسعد الله ونوس مسرحي عربي لأنه كتب بالعربية وبختيار علي روائي كردي لأنه يكتب بالكردية".

في السياق ذاته، يحدثني الروائي الكردي حليم يوسف*، الذي بدأ بالكتابة والنشر باللغة العربية حين كان مقيماً في سورية، ثم اتجّه كلياً إلى الكتابة باللغة الكردية حين انتقل للعيش في ألمانيا، وتُعتبر روايته المترجمة مؤخراً من اللغة الكردية إلى اللغة الألمانية، حدثاً مهما في تاريخ الأدب الكردي المعاصر، إذ صدرت مؤخراً رواية  "تسع وتسعون خرزة مبعثرة" بترجمة من باربارا شترويلي، عن دار "سوجيه فيرلاج"، إذ يقول "من خلال تجربتي لاحظت أنّ دور النشر العربية في غالبيتها تدور في فلك ذهنية السلطات العربية وتفضّل النتاجات العربية للكتّاب ذوي الأصول الكردية. ومن الطريف أن تسعى دور النشر هذه ومعها بعض المجلات الثقافية على تسويق هذه النتاجات العربية على أنّها أدب كردي. وأتساءل هنا على سبيل الافتراض: ماذا سيكون شعور الكتاب العرب، فيما إذا نشرت مجلة ثقافية ملفاً عن الأدب العربي يتضمن نتاجات الكاتب رفيق شامي؟ ألن يثير هذا الأمر، فيما إذا تمّ، وهذا مستبعد بالطبع، سخرية الجميع؟ هذا ما يحدث بالضبط في الأوساط الثقافية العربية، يقدمون أدباً عربياً للقرّاء على أنّه أدب كردي. في حين يظلّ الأدب الكردي مغيّبا عن الحالة الثقافية العربية ومهمّشاً، وكأنّه غير موجود".

يؤكد حليم يوسف بأنّ هوية الأدب الذي نكتبه تحدّده اللغة التي يُكتب بها هذا الأدب، لكنه يؤكد أيضاً على احترامه لخيارات كلّ الكتاب باختيار اللغة التي يرغبون في الكتابة بها، سواء أكانت لغتهم القومية أم لغة أخرى.

الروائي حليم يوسف: في الأوساط الثقافية العربية، يقدمون أدباً عربياً للقرّاء على أنّه أدب كردي. في حين يظلّ الأدب الكردي مغيّبا عن الحالة الثقافية العربية ومهمّشاً، وكأنّه غير موجود.

لكن الروائي ريدي مشو* يختلف بالرأي قائلاً: "بخصوص هوية الأدب الذي يكتبه الكرد باللغة الكردية، فهو جدال أبدي، لم يسلم منه حتّى الكتاب العرب الذين يكتبون باللغة الفرنسية، على أيّ حال حكمي مشكوك فيه لأنني كردي أولا وثانيا لأنني كاتب، بالنسبة لي أرى أنّه الأجدر أن يحكم على العمل بجودته، لكن يبدو أنّ الأمر لا يسير كذلك، خصوصا في عصر العصبيات القومية. في النهاية أقول بأنّ الأدب الكردي المكتوب باللغة العربية لا يستخدم سوى اللغة العربية أمّا الروح والنبض فهي كردية، والحقيقة أنّ القرّاء هم من يحكمون بهذا الخصوص، الجميع يعرفوننا، أنت وأنا وخالد حسين وهيثم والآخرين، بأنّنا كتّاب أكراد، ويعرفون أدبنا كونه أدب كردي مكتوب باللغة العربية".

 لماذا يكتب الكتّاب الكرد الذين يتقنون اللغة الكردية، باللغة العربية؟

من الأسئلة التي لا يمكن ألاّ تخطر في أذهان أغلبنا: لماذا يكتب الكردي باللغة العربية؟.

يجيبني الروائي هيثم حسين*، بالقول: "الكتابة بالعربية لم تكن اختياراً في البداية، جاءت في سياق طبيعيّ، فكلّ مراحل الدراسة كانت بالعربية، وكلّ التراكم العلميّ والأدبيّ والمعرفيّ جاء بلغة التعليم وعبر التعليم، ثمّ جاءت القراءات الفكرية والفلسفية والأدبية والروائية بالعربية، ما يعني أنّ العربيّة أصبحت لغتي الأمّ من حيث العلم والأدب، وكان التمكّن منها بعد دراستها، وبعد أن أصبحت مدرّساً لها، بمثابة تكريس لمكانتها في بلورتي ككاتب كرديّ يكتب بالعربية.  فيمل ظلّت اللغة الكرديّة في حيّز أسريّ واجتماعي وشعبيّ بالنسبة لي، لم تتحوّل إلى لغة علم، فكلّ قراءاتي بها لا تتعدّى الدواوين الشعرية والقصص والروايات.  هي لغتي الأمّ شفاهيّاً لكنّها ليست لغة العلم والأدب".

السينما وسياسات الوصول (9)

25 شباط 2020
القضايا المتعلقة بسياسات الوصول في فيلمي "عن الأباء والأبناء" لطلال ديركي و"الكهف" لفراس فياض أكثر إثارة للجدل من المشهدين القصيرين في فيلم "جدار الصوت" لأحمد غصين. فاستغلال السوريين ظهر بشكل...
اغتراب السينما السورية (8)

10 شباط 2020
لعل ما هو أكثر إحباطا فيما يتعلق بالسينما السورية، هو أن الجمهور الأكثر صلة وقرابة لهذه السينما لدرجة التماهي، هم آخر من سَيتسنى لهم فرصة المشاهدة. كما أن تلك الفرصة...

يقول أيضاً واصفاً تجربته في تعلّم القراءة بالكردية: "تعلّمت الكتابة والقراءة بالكرديّة بمفردي، ولم أحصل على أيّ درس بالكردية في حياتي.. قراءتي وكتابتي بلغتي جاءت بناء على جهود شخصية.. وعلى الرغم من أنّها لغتي الأمّ التي أتحدّث بها في بيتي مع أسرتي وأهلي جميعاً، إلّا أنّه ليس من السهل عليّ الكتابة بها كما أكتب بالعربية، بنفس الانطلاق والأريحية والإبحار والتحليق.. والعربية لغتي الأمّ من حيث الكتابة والفكر والأدب، قرأت بها قراءاتي كلّها خلال أكثر من ثلاثين عاماً.. وهذا الإرث الإنسانيّ لا يمكن التفريط به بسهولة أو محوه وكأنّه لم يكن.. كلّ هذا يرسم شخصيتي كما هي الآن ويساهم ببلورة صور لهويتي التي، ككاتب وإنسان، منفتح على الهويات، مغتنٍ بها".

في سياق مماثل، يأتي ردّ الروائي ريدي مشو: " أن أتقن التحدّث باللغة الكردية لا يعني أنني أتقن كتابتها للحدّ المطلوب كي أكتب بها رواية، ومثلي تقريبا جميع أقراني. أعرف الكتابة بالكردية لحدّ يمكنني بها كتابة نصوص نثرية قصيرة، لكن حين التحدّث عن الرواية فالأمر مغاير، جميع معارفي الأدبية والفلسفية والعلمية والتاريخية حصلتها باللغة العربية". ويتابع قائلاً: "عندي مجموعتين نثريتين باللغة الكردية ربما سأعمل عليهما فيما بعد، حينما أجد في نفسي الطاقة، وطبعا ينبغي تحسين لغتي الكردية من أجل ذلك".

لماذا اتجه بعض الكتاب الكرد إلى الكتابة باللغة الكردية؟

يقول حليم يوسف متحدثاً عن تجربته بالكتابة باللغتين، العربية والكردية، ثم عن خياره الأخير بالكتابة فقط بالكردية:  "ولدت في عاموده من أبوين لم يتحدّثا في كلّ حياتهما سوى الكردية، وأوّل مهنة قمت بها في حياتي هي الترجمة لأبي لدى دوائر الدولة وموظفيها الذين لا يعرفون الكردية، ولأمي لدى قدوم نساء عربيات لزيارتها في البيت. كلّ مخزونهما اللغوي العربي كان يتلخص في حفظ الفاتحة وبعض المفردات اللازمة لإقامة الصلاة، وينتهي هذا المخزون بانتهاء الصلاة. وفي بيتنا حتى الأدعية الدينية التي تلي الصلاة لدى الوالدين كانت بالكردية. كان أبي الذي حجّ ثلاث مرات وأقام الصلاة في اليوم خمس مرات طوال سبعين عاما، يعود كلّ يوم جمعة من الجامع غاضباً بعد حضور خطبة الجمعة التي كان إمام الجامع الكبير في عاموده يلقيها بالعربية مرغماً. أتذكر أنه قال لنا بصوت مرتفع يوما: "لو كان الله عادلا فعلا لأنزل قرآنا بالكردية أيضا، طالما هو قادر على كل شيء، فلماذا لا يخاطب كل الأقوام بلغاتهم؟. إذا كان الله غير عادل، فكيف نلوم الحكومات والدول وهم بشر؟". وبعد دقائق قليلة يستغفر ربه، طالباً منه السماح على فورة غضبه. في هذه الأجواء غير الطبيعية نشأت وأتيح لي ولغيري من الأطفال الكرد تعلّم العربية وإتقانها، قراءةً وكتابة، في حين ظلّت الكردية لغة تتناقلها الشفاه دون أن تجد طريقها إلى الورق. وأنا بدأت الكتابة الأدبية صغيراً، وكتبت باللغة التي تعلمتها وكانت العربية. ولجأت إلى الكتابة كحاجة روحية أولاً وأخيرا.ً وفي القصص التي كنت أكتبها وجدت نفسي أكتب عن البيئة التي أنتمي إليها، وهي الكردية وعن شخوص يتحدثون أصلا بالكردية، وكنت ألجأ إلى ترجمة حواراتهم إلى العربية لدى الكتابة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى كنت قد تعلمت الأبجدية الكردية سرّا في البيت ونحصل بين الفينة والأخرى على الكتب الأدبية الكردية التي كان الناس يتداولونها بعيداً عن أعين السلطة والمخابرات، وتحسنت لغتي الكردية الأدبية.  لذلك فأنا أعتبر أنّ العودة إلى الكتابة بالكردية بالنسبة لي هي العودة إلى طبيعتي الأصلية، بعد أن أبعدتني سياسة المنع والقمع تجاه لغتي الأم عن روحي، وحاولت  إخراجي من جلدي الطبيعي الذي منحتني إياه الطبيعة. الحالة الطبيعية هي أن يكتب الكاتب العربي بالعربية وأن يكتب الكاتب الكردي بالكردية وأن يكتب الكاتب الفرنسي بالفرنسية وهكذا. من هنا، فإن عودتي إلى الكتابة بالكردية كانت عودة إلى الحالة الطبيعية، والتخلّص من الحالة الاستثنائية التي خلفها لنا الاستبداد والسياسات الشوفينية والعنصرية للنظام الحاكم في سوريا".

ريدي مشو: " أن أتقن التحدّث باللغة الكردية لا يعني أنني أتقن كتابتها للحدّ المطلوب كي أكتب بها رواية، ومثلي تقريبا جميع أقراني

تتقاطع تجربة حليم يوسف مع تجربة حسين حبش* الذي اتخذ قراراً نهائياً بالكتابة باللغة الكردية فقط، ويحدثني كذلك عن خصوصية تجربته: "كما تعلمين أنه في بلاد اسمها سوريا كانت الكتابة بالكردية محظورة وممنوعة منعاً باتاً، أي لا مدارس ولا معاهد ولا جامعات تقوم بتدريسها أو تسمح بذلك، وبالتالي كانت الكتابة بها جرماً يعاقب عليه أشدّ العقوبات!. هذا يعني، وبشكل آخر أنّ حمل صحيفة أو كتاب بالكردية كان يمكن أن يعرّض صاحبها إلى خطر حقيقي، سواء بالاعتقال أو السجن، أو أي نوع من أنواع الانتهاكات التي تخطر أو لا تخطر على بال، وبالتالي كان كلّ من ارتكب الكتابة باللغة الكردية كمن ارتكب جناية قتل أو خيانة لا تغتفر (طبعا ما زال المنع مستمراً بشكل رسمي على اللغة الكردية لكن باختلافات معينة نتيجة اختلاف الأوضاع في سوريا بشكل عام)، لذلك توّجه أغلب الكتّاب الكرد إلى الكتابة بالعربية ومنهم أنا وأنت وآخرين كثر. والمأثرة العظيمة كانت لأولئك الكتاب والشعراء "القلة الهائلة" الذين كتبوا بالكردية سرّا، وبالخفاء، واستمروا بالتشبّث والكتابة بها رغم كلّ الظروف القاسية والصعبة والاستثنائية التي كان يمكن أن تودي بهم إلى مصير مجهول!".

المسرح السوري خلال السنوات العشر الأخيرة

24 أيار 2021
قليلة هي العروض التي لمعت خلال هذه السنوات العشر، تجارب وحيدة لم تتكرر بنفس التوقيع، إن كان كإنتاجات برعايّة رسميّة من وزارة الثقافة أو كإنتاج مستقل، فغياب الخطة الثقافيّة والدعم...
أحوال المسرح السوري اليوم

17 أيار 2021
في افتتاحيّة ملف "المسرح السوري" تكتب الدكتورة ماري إلياس، وهي معدّة هذا الملف، عن المسرح السوري، وتسرد في نظرة عامة واقع هذا المسرح وماضيه، وتحكي عن آليات الإنتاج وعن الكتابة...

هنا في أوربا تعلمت الكردية كتابيا وبدأت الكتابة بها رويداً رويداً إلى جانب العربية، لكن لسوء الحظ تأخر نشر كتبي بالكردية لفترة طويلة جداً لأسباب شتى منها أسباب تتعلّق بالتواصل والنشر. وسبب انتشار كتابتي بالعربية وطغيانها على الكتابة الكردية هو أنّ فرص النشر بالعربية كانت متاحة وممكنة وسهلة إلى حدّ ما. وكذلك نتيجة الأوضاع الكارثية والاستثنائية التي يعيشها الشعب الكردي في كلّ شيء، هناك أشياء كثيرة من خارج الحياة الكردية كانت وما زالت تطغى على داخلها بشكل عام وتفرض نفسها وإرادتها عليها دون إرادتها. ومنذ احتلال مدينتي، مدينتنا سوية (عفرين)، اتخذت قراري بالكتابة بالكردية فقط، لغة وحيدة للكتابة والإبداع والاستمرار والتواجد والتنفس من خلالها وحدها.

إذن تجربتي الكتابية بالكردية والإبداع بها كانت تجربة عميقة وغنية ومهمة بالنسبة لي على الأقل، فقد أيقظتني من حالة السبات والنوم في اللغة العربية حتى ولو أنّ تلك الحالة كانت بشكل جزئي، وأنقذتني من حالة القلق والحيرة والتيه والانفصام التي كانت تنتابني بسبب طغيان تواجدي الكتابي بالعربية على حساب تواجدي في لغتي الأم. الكتابة بالكردية جعلتني متوازنا ومتصالحاً مع نفسي أكثر، والعودة إلى ذاتي الحقيقية بشكل أكثر كثافة وعمقا".

خاتمة

يحتاج موضوع اللغات الأخرى، غير الكردية، التي يكتب بها الكتّاب الكرد، وكذلك الكتابة باللغة الكردية إلى الكثير من الأبحاث والدراسات، خاصة أنّ هنالك أسماء كثيرة جداً ونماذج يصعب حصرها، وكلّ نموذج يشكل حالة خاصة في المشهد الإبداعي، وربّما تكون هذه المحاولة، بداية الطريق لأبحاث موسّعة تمنح الحق لكثير من الأصوات أن تُدلي بخصوصيتها وتقدّم تجربتها.

 هوامش:

حليم يوسف: روائي كردي سوري مقيم في ألمانيا، صدر له باللغتين العربية والكردية عدة أعمال منها مجموعات قصصية:  الرجل الحامل، نساء الطوابق العليا، وروايات أيضاً باللغتين: سوبارتو ،خوف بلا أسنان، حين تعطش الأسماك، الوحش الذي في داخلي،  ولديه أعمال بالكردية فقط : موتى لا ينامون، مم بلا زين، آوسلاندر بيك، تسع وتسعون خرزة مبعثرة التي ترجمها جوان تتر إلى العربية، وصدرت بالألمانية.

ريدي مشو : كاتب وروائي وموسيقيّ كرديّ سوري يقيم في القامشلي في سورية ، صدرت له روايتان بالعربية: حبوكر ـ لعنة المعري

هيثم حسين: روائي وكاتب كردي سوري مقيم في بريطانيا، صدرت له العديد من الروايات: آرام سليل الأوجاع المكابرة ، إبرة الرعب، عشبة ضارّة في الفردوس، قد لا يبقى أحد المترجمة إلى اللغة الإنكليزية، رهائن الخطيئة التي تُرجمت إلى اللغة التشيكية وإلى اللغة الكردية. وله في النقد الروائيّ: الرواية بين التلغيم والتلغيز، الرواية والحياة، الروائيّ يقرع طبول الحرب، الشخصيّة الروائيّة.. مسبار الكشف والانطلاق.

حسين حبش : شاعر كردي سوري مقيم في ألمانيا، صدر له بالعربية غرقٌ في الورد، هاربون عبر نهر إفروس، أعلى من الشهوة وألذ من خاصرة غزال، ضلالات إلى سليم بركات، ملاكٌ طائر "نصوص عن أطفال سوريا" وموتى يتجادلون في الردهات. وبالكردية:  حمَّى السفرجل، أشجار ثملة وضجر تمثال متعب.

مقالات متعلقة

روزا ياسين حسن: الإنسانية تاريخ طويل من اللجوء، والأرض ملك لكلّ البشر

18 تشرين الثاني 2022
في هذا الحوار، تحكي لنا روزا عن التغيّرات والتحوّلات التي أصابتها في هذا المنفى، سواءً على الصعيد الشخصي أو على صعيد الكتابة، حيث تصف نفسها بالقول "مريضة تكتب عن مرضى،...
خالد خليفة: لستُ حارسَ المقابر لكنني حارسُ الأرواح

03 شباط 2021
في هذا الملف الصغير الذي أعددناه عن خالد خليفة، نحاوره في رواياته وفي خياره بالبقاء في سوريا ونسأله عن الرواية السوريّة، كما نرفق الحوار بصور خاصة اختارها خالد خليفة بنفسه...
يوسف عبدلكي: لا شيء يسير على ما يُرام وسط هذا الرماد

04 أيلول 2023
يبوح الفنان يوسف عبد لكي لحكاية ما انحكت بالكثير، كمتصوْف معتكف "بالأبيض والأسود"، ربّما لأنّه عرف مبكراً أنّه "رسام أكثر من كوني مُلوِّناً، ولهذا تجدني أشتغل بالأبيض والأسود، وأُكرّس لهما...
خليل صويلح: أرشيف الموت مفتوح في سوريا ولم يُغلَق حتى اليوم

19 أيلول 2023
في حوار طويل وشيّق يحكي الروائي والصحفي خليل صويلح لسوريا ما انحكت عن تجربته الروائيّة الطويلة وعن بداياته الشعريّة وطفولته في الجزيرة السورية، ويحكي عن علاقاته برياض الصالح الحسين ومحمد...

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد